قطاع النقل في العراق: النقل الجوي و البحري


ملخص تقرير

قسم ابحاث كابيتا


إنَّ للنقل الجوي دوراً حيوياً في النمو والتطور الاقتصادي بكونه بوابةً للاقتصاد الدولي توفر اتصالاً لا غنى عنه على المستوى الإقليمي والوطني والدولي. وهو يساهم في تنشيط التجارة وتشجيع السياحة وخلق فرص العمل. يوفر الطيران نظام النقل العالمي الوحيد الفائق السرعة، مما يجعله مفتاحاً للأعمال التجارية الدولية.


خطا العراق أول خطواته نحو الطيران في سنة 1933 بتأسيس مطار المثنى المدني، وحلَّقت أول رحلات الطيران المدني العراقي في 29 كانون الأول لعام 1946. كان للطيران المدني في العراق مستقبلاً واعداً عند إنشاءه، لكن التحديات والعراقيل العديدة التي واجهته على مر السنين قلصت دوره في النمو الاقتصادي والاجتماعي رغم عِظَمِ ثروات البلد. كان القطاع العام منذ زمن ليس بالبعيد هو الكيان الرئيس المسؤول عن الطيران المدني في البلاد؛ أما الآن فيزاحمه عدد متزايد من الشركات الخاصة التي تدخل هذا الميدان.


هناك ثلاثة كيانات حكومية مسؤولة عن الطيران المدني في العراق وهي سلطة الطيران المدني العراقي، والشركة العامة للملاحة الجوية، والخطوط الجوية العراقية. سلطة الطيران المدني العراقي هي السلطة العليا المسؤولة عن مراقبة الأجواء العراقية وإصدار التراخيص لطواقم الطيران والتصريح بالهبوط في المطارات العراقية والمغادرة منها.

تؤوي الشركة العامة للملاحة الجوية أكثر من 270 مراقب جوي يوفرون قيادة الدفاع الجوي وقيادة الاقتراب وخدمات برج مراقبة الحركة الجوية. الخطوط الجوية العراقية هي شركة الطيران الوطنية في البلاد ويقع مقرها على ارض مطار بغداد الدولي في العاصمة، وهي ثاني أقدم شركة طيران في الشرق الأوسط حيث تأسست عام 1945. تقدم الخطوط الجوية العراقية كلاً من الخدمات المحلية والإقليمية. 


وفقًا للجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات، شهد عدد الرحلات الجوية على مدار السنوات السابقة لعام 2019 تدفقاً ثابتاً، حيث شكلت الرحلات المسيرة من الخطوط الجوية العراقية 40.5٪ و44.8٪ من إجمالي عدد الرحلات في عامي 2017 و2018 على التوالي. وفي عام 2019 كانت الخطوط الجوية العراقية المُسَيِرُ لغالبية الرحلات مستحوذةً على 68.2٪ من العدد الإجمالي. بالإضافة إلى ذلك فرضت السلطات قيوداً على السفر لأكثر من 13 دولة في عام 2020، ناهيك عن الدول الأخرى التي حظرت الرحلات الجوية من العراق بسبب جائحة COVID-19. يمكن ملاحظة ذلك في الانخفاض الكبير في عدد الرحلات الجوية خلال العام نفسه.


وفيما يتعلق بالمطارات، يعد مطار أربيل الدولي، المطار الرئيس العامل داخل عاصمة إقليم كوردستان في العراق، أربيل، ويحتل الصدارة بعدد الرحلات الدولية المُسيَّرة خلال عامي 2019 و2020، بإجمالي 47,589 رحلة. 

أما مطار بغداد الدولي فهو أكبر مطار في العراق ويخدم معظم شركات الطيران. ومع ذلك جاء في المرتبة الثانية بـ27,088 رحلة دولية في هذين العامين. عندما يتعلق الأمر بالرحلات الداخلية، فإن بغداد هي حلقة الوصل بين محافظات العراق الشمالية والجنوبية. وهذا يفسر سبب تصدر مطار بغداد الدولي بأكبر عدد من الرحلات الداخلية على جميع المطارات العراقية.

بالرغم من أن العديد من شركات الطيران الحديثة مثل فلاي بغداد وفلاي أربيل وأور للطيران بدأت تصنع اسمهاً لها في السوق، تبقى الخطوط الجوية العراقية أكبر شركة طيران في البلاد. ومع ذلك، بالمقارنة مع شركات الطيران الرئيسية في الدول المجاورة، فإن الخطوط الجوية العراقية تتذيل القائمة بـ24 وجهة في 14 دولة. بينما تتصدر الخطوط الجوية التركية القائمة بأوسع مدىً للوصول في الشرق الأوسط شاملة 289 وجهة في 122 دولة. تأتي الخطوط الجوية القطرية في المرتبة الثانية تليها طيران الإمارات. 

أحد الأسباب الرئيسية لهذا التراجع هو الأسطول المحدود والقديم للخطوط الجوية العراقية الذي يضم 32 طائرة بمتوسط عمر يبلغ 10.1 سنوات لكل طائرة، العاملة منها 19 فقط. وبالمقارنة، فإن لطيران الإمارات أسطولاً من 265 طائرة، 197 منها تعمل والبقية مركونة، بمعدل عمر يبلغ 8.4 سنوات. وتمتلك الخطوط الجوية السعودية 154 طائرة، 138 منها عاملة، بمتوسط عمر للطائرات يبلغ 7.4 سنوات.

تضمنت الجهود الأخيرة لتعزيز مكانة الخطوط الجوية العراقية شراء طائرات بوينج 737 ماكس وبوينج 787 دريملاينر، والتي لم يتم تسليمها بعد، ووصول طائرة إيرباص A220-300 في كانون الثاني من هذا العام، وهي الأولى من 5 طائرات اشتُريت في عام 2013.


هناك قضية رئيسية أخرى يجب التطرق لها وهي عدم وجود أكاديميات طيران كفوءة في البلاد. فغالباً نجد الشباب العراقيين الذين يطمحون لدخول قطاع الطيران، سواء كطيارين أو مهندسي صيانة طائرات أو في مهن طيران أخرى، يدرسون خارج القُطر. يبقى العراق بحاجةً إلى معاهد التدريب على الطيران لملء هذا الفراغ الكائن بامتلاكه أكاديمية واحدة فقط مجازة من سلطة الطيران المدني العراقي وهي بذاتها تعاني القصور في العديد من الأساسيات.


آخر المشاريع 

هناك عدة مشاريع لبناء المزيد من المطارات في الأجزاء المهمة من البلاد، منها:

  • مشروع مطار الفرات الاوسط الدولي: يتمركز موقع هذا المطار بين بابل وكربلاء والنجف والديوانية. وهو مصمم لاستيعاب 6 و12 و20 مليون مسافر سنوياً خلال مراحله الأولى والثانية والثالثة، على التوالي.

  • مشروع إعادة إعمار مطار الموصل الدولي: بحسب الهيئة الوطنية للاستثمار يجري العمل الآن على مشروع لإعادة تأهيل المطار يشمل مدارج وبنى تحتية ومباني وبرج مراقبة. سيشمل المشروع تطوير 15,000 كيلومتر مربع من الأراضي.

  • مشروع مطار دهوك الدولي: بدأ بناء مطار دهوك الدولي في ايلول 2012 بميزانية استثمارية قدرها 450 مليون دولار. توقف العمل على المشروع بسبب صراع مع تنظيم الدولة الإسلامية والأزمة المالية التي أعقبت ذلك. وبحسب مصادر رسمية، فالمنجز من المشروع هو 10٪ فقط حتى الآن.

  • مشروع مطار ميسان: سيقام المشروع على أرض مطار البتيرة العسكري المملوك لوزارة المالية. ما يزال المشروع جديداً ولم تُحدد تكلفته.

دور الأعمال التجارية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في النقل الجوي


نظراً لأن الحجز عبر الإنترنت لم يكن متاحاً للعراقيين لفترة طويلة، فقد اضطِروا للاعتماد على وكالات السفر ومكاتب الطيران لحجز تذاكرهم. وبازدياد شعبية خيارات الدفع عبر الإنترنت مثل زين كاش وآسيا حوالة وبطاقات الائتمان/الدفع المباشر، ازدادت شعبية الحجز عبر الإنترنت. علاوة على ذلك، ظهرت العديد من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتعمل وسيطاً بين العملاء ومنصات الحجز عبر الإنترنت، مما يمنحهم راحة الحجز عبر الإنترنت ويزيل عبء الذهاب إلى وكيل السفر. حالياً، قامت شركات الطيران العراقية مثل فلاي بغداد وفلاي أربيل والخطوط الجوية العراقية بتوفير الحجز عبر الإنترنت من خلال مواقعها الإلكترونية. لكن ما تزال البوابة الإلكترونية قيد الصيانة للأخيرة. 


سندباد: هي وكالة سفر عبر الإنترنت تمكن العملاء من حجز رحلاتهم الجوية والدفع مباشرةً من خلال الموقع الالكتروني أو التطبيق الخاص بهم، باستخدام خيارات الدفع عبر الإنترنت مثل بطاقات الائتمان/الدفع المباشر أو زين كاش، أو نقداً عبر وكيل يقوم بتحصيل المدفوعات من العميل في موقعه المحدد مجاناً.




كاوَنتر: مقره الرئيسي في بغداد، وهو تطبيق ناشئ تأسس في عام 2021، ويسعى إلى تسهيل وتبسيط إجراءات السفر والتأشيرات. يتيح التطبيق لمستخدميه طلب الحصول على تأشيرات إلكترونية، واستخدام أدواته لعصرنة عمليات استحصال التأشيرة وتبسيطها والتعرف على معايير الدخول لأكثر من 180 دولة حول العالم.


 
 

سافر: هي شركة ناشئة متخصصة في تقديم خدمات سفر شاملة مثل تذاكر الطيران وحجوزات الفنادق والحزم المصممة خصيصاً للسفر الخاص والعام. تأسست سافر في عام 2020 وهي مرخصة من وزارة الثقافة والسياحة العراقية. لديها أكثر من 100 شريك عالمي في مواقع سياحية مختلفة، بما في ذلك لبنان والإمارات العربية المتحدة وتركيا وإسبانيا وإيطاليا، بالإضافة الى المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وهولندا وسويسرا والسويد والصين وجزر المالديف. وعلاوة على ذلك يسهل التطبيق إصدار التأشيرات إلى الإمارات العربية المتحدة والأردن وعمان ومصر وتركيا وتايلاند والهند، وكذلك تصاريح الدخول إلى العراق للأجانب. 

 
 

بابيلون بوكينغ: وهي خدمة حجز طيران شركة لشركة تدمج أكثر من 700 شركة طيران، بضمنها أكثر من 150 شركة نقل منخفض الكلفة، من العديد من أنظمة التوزيع العالمية والموردين وواجهات برمجة تطبيقات الطرف الثالث (APIs). هذا المشروع مملوك من شركة مونلاين للسفر والتجارة، والتي لديها انشطة في العراق وتركيا والإمارات العربية المتحدة وألمانيا. من خلال واجهة سهلة الاستخدام وعملية اصدار فواتير سلسة، تسمح هذه البوابة لشركات السفر التابعة لاتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) وغير التابعة له بشراء وإصدار تذاكر الطيران ببضع نقرات فقط. بالإضافة إلى ذلك، فإنها توفر لشركات السفر حلولاً وأدوات وقوالب وتقارير مفصلة وبيانات مُعدة مسبقاً فضلاً عن المساعدة المستمرة. 


التوصيات والاستنتاجات:

لقد عانى العراق من فترات طويلة من عدم الاستقرار والاضطراب، بدءاً من الحروب العديدة في عهد النظام السابق إلى حرب 2003، من بعدها احتلال داعش، تليه جائحة كوفيد-19، ناهيك عن الفساد داخل أنظمته الحكومية. كل ذلك أعاق بشكل كبير تطوير وتقدم قطاع الطيران، وجعله عاجزاً عن مواكبة تطور نظراءه في البلدان المجاورة.

ولكن هذا التأخر يمنح العراق مساحةً كبيرةً للتطور والتنمية. بينما تواصل الدولة جهودها لتوسيع قطاع النقل، يقدم هذا البلد العديد من الفرص للمستثمرين ليستفيدوا منها، حيث يعد ايجاد الحلول لأيٍ من التحديات المذكورة سابقاً مشروعاً استثمارياً محتملاً. ستتطلب المشاريع الجارية لمطاري دهوك والموصل الدوليين، على سبيل المثال، ادارة الأمتعة وتقديم الطعام والخدمات الأمنية بمجرد تشغيلهما. 

علاوة على ذلك، مع الطلب المتزايد على الطيارين في العراق، ينبغي تشجيع الحكومة والمستثمرين على المشاركة في توطين التدريب على الطيران. وسيكون لهذا تأثير إيجابي كبير على القطاع ككل.


النقل البحري


يعد قطاع النقل البحري ركيزة أساسية للبنية التحتية الاقتصادية للعراق. فهو يربط الأنظمة الوطنية للبلد بالسوق العالمية، ويسهل تدفق البضائع والسلع، ويضمن ازدهار مدن الموانئ والبلد ككل. يقتصر النقل البحري العراقي على خط ساحلي يبلغ طوله 48 كم تقريباً يقع بين حدود إيران من الشرق والكويت من الجنوب، حيث قناة شط العرب هي الرابط الوحيد الذي يربط العراق بالخليج العربي. تقع جميع موانئ البلاد في محافظة البصرة تحت إدارة الشركة العامة لموانئ العراق. وتشمل الموانئ مينائي البصرة وخور العمية النفطيتين وأربعة موانئ تجارية هي المعقل وخور الزبير وأبو فلوس وأم قصر. ينفرد من بينها ميناء أم قصر بكونه المنفذ الرئيس والوحيد للمياه العميقة في البلاد. أما مهمة إدارة أنشطة الشحن البحري فهو واجب الشركة العامة للنقل البحري، التي تقع في بغداد ولها فرع في البصرة. بدأت الشركة العامة للنقل البحري عملياتها في عام 1952، ولديها 1,264موظفاً اعتبارا من عام 2020، وتمتلك أسطولاً من 7 سفن.


بكون أم قصر الميناء الوحيد الذي مياهه عميقة ولأنه الأكبر في العراق، فمن الطبيعي أن تجري عبره غالبية أنشطة النقل البحري في البلاد. لقد حافظ ميناء أم قصر بثبات على استمرارية النقل البحري العراقي، حيث مر من خلاله ما معدله 18 مليون طن من البضائع المشحونة في السنوات الأخيرة.

ثاني أكبر ميناء هو خور الزبير، حيث نقل 9.8 مليون طن من البضائع في عام 2020، بانخفاض بنسبة 13.5٪ عن العام السابق. والجدير بالذكر أنه بالرغم من التعقيدات التي أحدثها الوباء، فإن إجراءات مكافحة الفساد التي نفذتها الحكومة العراقية تمكنت من سد الفجوة وإبقاء النقل البحري عائماً.



تربط كمية البضائع المُستورَدَة أو المُصَدَرة وعدد السفن البحرية علاقةٌ مباشرة. وبشكل عام تؤدي الزيادة في الواردات والصادرات إلى زيادة عدد السفن التي تنقل البضائع. وبالتالي فإن زيادة السفن الوافدة بنسبة 12.2٪ في عام 2020 عن عامها السابق تُعزى إلى ارتفاع واردات الدولة. وشهد عدد السفن المغادرة في العام نفسه انخفاضاً بنسبة 37٪ مقارنة بعام 2019 بسبب انخفاض الصادرات في ظل انهيار الأسواق الدولية والقيود التي فرضتها جائحة كوفيد-19.



وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات، شهدت الإيرادات انخفاضاً طفيفاً بنسبة 4.2٪ في عام 2019 عن العام السابق، سببه إغلاق ميناء أم قصر لفترة من الزمن.

ومع ذلك فإن الإيرادات المتراكمة في عام 2020 البالغة 184 مليار دينار عراقي هي أكبر قدر من الأرباح التي حققتها الشركة العامة منذ سنوات.

إضافةً لذلك شهد إجمالي الأجور والمخصصات المدفوعة للموظفين في العام المقابل زيادة بنسبة 10٪ تقريباً عن عام 2019 بسبب صرف مستحقات المتقاعدين وزيادة الحوافز. من ناحية أخرى، أظهرت الشركة العامة لموانئ العراق ارتفاعاً في الإيرادات في عام 2019 وانخفاضاً لاحقاً في عام 2020، ويرجع ذلك أساساً إلى زيادة وانخفاض الشحنات النفطية في ميناء خور الزبير. كان ذلك بالاتفاق مع شركة البترول البريطانية.

بلغت أجور ومخصصات موظفي الشركة العامة في عام 2020 ما مجموعه 179.8 مليار دينار عراقي، بانخفاض قدره 10٪ تقريباً عن مبلغ 199.4 مليار دينار الذي دُفِعَ في عام 2019، لارتباط الأمر بتقاعد الموظفين.


ويبقى استخدام التكسي النهري وسيلةً للمواصلات المحلية في العراق محدوداً فقط في مدينتي النجف والبصرة. استخدم 3,000 راكب تقريباً قوارب التكسي النهري في عام 2020. وإذا ما أُوليت الاهتمام الكافي والموارد المناسبة، من الممكن زيادة هذا العدد بشكل كبير إذا أصبح التكسي النهري سهل الوصول ومتاحاً أكثر.

في بغداد، حيث يشتد الازدحام المروري إلى مستويات مقلقة بسبب اعتماد سكانها الشديد على السيارات الخاصة وسيارات الأجرة والحافلات الصغيرة، يمكن أن يوفر استخدام التكسي النهري للسكان بديلاً أسرع وأرخص لعبور نهر دجلة، الذي يقسم العاصمة إلى ضفتي الكرخ والرصافة.


مشكلات مهمة 


  • الاعتماد على النفط

تنشأ في القطاع البحري مشاكل سببها كون العراق من أكثر البلدان اعتماداً على النفط في العالم. يحذر وزير المالية العراقي السابق السيد علي علاوي من أن اعتماد العراق المستمر على النفط مصدراً رئيسياً لإيراداته قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية في غضون 5-10 سنوات إذا لم يتم تفاديها عن طريق تنويع صادرات البلاد، خاصةً أن الاقتصاد العالمي متجهٌ نحو الطاقة المتجددة.

  • الفساد وانعدام الأمن

كما أنه ليس من المستغرب أن تثار مسألة الفساد في قطاع النقل. مع عمل الشركة العامة لموانئ العراق في ظل تدابير أمنية سيئة، تتداخل المصالح السياسية والفساد مع الأداء الصحي للقطاع. يأتي ذلك على شكل تزوير معلومات شحنة قادمة إلى الموانئ، وتزوير أوراق ووثائق رسمية، ورشاوى لتجنب الجمارك وضوابط الجودة، وكذلك تعيين موظفين على أساس الانتماءات السياسية والقبلية بدلاً من المؤهلات والجدارة. ويترتب على هذا انعدام الثقة في إدارة النقل البحري وزجر المستثمرين عن المغامرة في الاقتصاد العراقي.

  • قصور التمويل 

التحدي الآخر الذي يواجه القطاع هو الميزانية المالية المحدودة المخصصة للآلات والمعدات البحرية مثل السفن والناقلات والرافعات والحفارات. وقد ترك هذا العراق في مؤخرة سباق النقل البحري عندما نضع منافسة دول الجوار معه في المضمار. على سبيل المثال، يبدو الأسطول الكهل الذي عداده 7 سفن مملوكة لشركة حكومية عراقية متواضعاً مقارنة بـ74 سفينة قطرية حديثة تملكها شركة ناقلات البحرية.

  • الفشل في الامتثال للوائح الدولية

علاوة على ذلك، من الضروري التطرق إلى حقيقة أن العراق ليس مدرجاً على القائمة البيضاء للمنظمة البحرية الدولية، وهي قائمة بالدول التي تمتثل لمعايير التدريب والشهادات والمراقبة الخاصة بالبحارة. وبالتالي، تفرض عقوبات إضافية على القطاع البحري المثقل بالفعل.


أحدث المشاريع لتطوير المشهد البحري

على الرغم من صعوبة الموقف، يشهد القطاع البحري تطورات كبيرة لتحفيز الصناعة وتوفير فرص لينتهزها المستثمرون. ومن الجدير بالذكر ما يلي:


  • ميناء الفاو الكبير 

وضعت وزارة النقل العراقية حجر الأساس لمشروع ميناء الفاو الكبير بتكلفة 6 مليارات دولار في نيسان 2010. سيمتد الرصيف الذي طوله 2,000 متر ومحطة الحاويات الاساسية البالغ طولها 39 ألف متر على شاطئ الخليج بالقرب من مدينة البصرة. من المقدر ارتفاع الإيرادات المتوقعة من 2.72 مليار دولار في 2022 إلى 6.9 مليار دولار في 2040. وبما أن ميناء الفاو يتمتع بطاقة استيعابية سنوية تبلغ 114 مليون طن في مرحلتها النهائية، فهو يعد الانطلاقة الفعلية لنهضة اقتصادية في العراق وأكبر مشروع ميناء في الشرق الأوسط.


  • إنشاء 13 رصيف متعدد الأغراض لكل من مينائي أم قصر وخور الزبير

تم تخصيص خمسمائة مليون دولار لكل ميناء في خطط للحد من الضغط على الأرصفة الحالية من خلال زيادة القدرة على تحميل وتفريغ البضائع. وتبلغ الطاقة الإنتاجية الإضافية المتوقعة للمشروع 3.75 مليون طن لميناء أم قصر و4.25 مليون طن لميناء خور الزبير. ومن المتوقع أن يغطي المشروع جميع احتياجات الأرصفة الجديدة من المعدات والخدمات والطرق والسكك الحديدية.


التوصيات والاستنتاجات:

لقد خلفت سنوات من الإهمال قطاعاً مليئاً بالمشاكل المتعددة. لكن بفضل الإصلاحات المرتقبة في الحكومة العراقية وبازدياد الوعي لدى عامة الناس ومطالبهم بالتغيير، يلوح في الأفق فجر جديد من التطور والنمو في بيئة الاعمال العراقية في المستقبل المنظور.


تتضمن بعض التوصيات الجوهرية التي لها أن تعزز قطاع النقل البحري في العراق ما يلي: 

  • تطبيق أحدث التقنيات في أنظمة تشغيل الموانئ لرفع الكفاءة وتحسين مرافق الموانئ بشكل جماعي، مما سيسرع أوقات معالجة الشحنات والروتين الإداري.

  • تطوير الأسطول البحري ليواكب منافسة دول الجوار.

  • السعي لتقليل الفساد في القطاع البحري من خلال دمج الاستراتيجيات والبروتوكولات الأمنية المناطة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون تدابير مراقبة الجودة ذات أهمية قصوى لضمان الحالة المناسبة للبضائع التي تدخل السوق.

  • رسم خطط واضحة لجذب المستثمرين إلى المشهد البحري العراقي.

  • الامتثال للمتطلبات التنظيمية الدولية ومعايير السلوك لرفع العقوبات والقيود المفروضة على القطاع.

  • تنويع أنواع الصادرات لتقليل اعتماد العراق على النفط مصدراً رئيسياً لإيراداته.




More Arabic Articles

تمكين المَرأة في الإقتصاد الرقمي العراقي: مُبادرة "She Codes Too"

غدت المعرفة بالأمور الرقمية أمراً لا بد منه لسلك دروب عالمنا الحديث في مجتمعنا سريع التطوّر اليوم. ومع تَزايد اعتماد مُجتمعاتنا واقتصاداتنا... read more

مقابلة مع الدكتور حسن الخطيب

الدكتور الخطيب هو المستشار الاستراتيجي لرئيس وزراء العراق في كل شيء رقمي. وهو منصب يرفده بعقودٍ من الخبرة في مجال التكنولوجيا في... read more

استثمر في كوردستان: نظرة عامة على القطاعات ذات الأولوية

إقليم كوردستان العراق هو إقليمٌ يتمتع بالحكم الذاتي يقع في الجزء الشمالي من العراق، وله موقع استراتيجي مهمٌ عند التقاء أوروبا وآسيا... read more

تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إقليم كوردستان: نظرة عامة على المهارات الرقمية والقطاعات وفرص الاستثمار

يقع إقليم كوردستان في شمال العراق ويضم أربع محافظات هي دهوك، والسليمانية، وحلبجة، وأربيل، والأخيرة هي عاصمته. تمتد هذه المحافظات مجتمعة على... read more

تحول التعليم الجامعي في كوردستان العراق: اجتياز العقبات وتبني التغيير الإيجابي

واجه التعليم في إقليم كوردستان العراق العديد من التحديات في الماضي، لكنه أيضاً شهد تحولاً مطرداً في السنوات الأخيرة. لقد أدرك الإقليم... read more

Posted in on Thursday, 23rd March, 2023