مقابلة لمجلة بزنس لاندسكيب


مجيد جعفر

الرئيس التنفيذي لشركة نفط الهلال (Crescent Petroleum)


مجيد جعفر هو الرئيس التنفيذي لشركة نفط الهلال، وهي شركة طاقة بارزة لها تاريخ يمتد لأكثر من 50 عاماً ومقرها في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة. ولها مكاتب في العراق والمملكة المتحدة وفي مواقع دولية أخرى. حازَ مجيد على بكالوريوس في الهندسة من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة وماجستير في إدارة الأعمال من جامعة هارفارد. بدأ حياته المهنية في شركة شَل العالمية "Shell International"، حيث عمل في مجال صناعة الغاز والطاقة والتنقيب في هولندا والمملكة المتحدة، ثم انضم لاحقاً إلى مجموعة الهلال. أطلقت الشركة الأم تحت قيادته شركة "دانا غاز" وهي أكبر شركة تابعة لها. 

أخبر السيد جعفر مجلة بزنس لاندسكيب عن وجهات نظره في صناعة النفط والغاز وعن آخر التطورات والتحديات والفرص والإمكانيات المستقبلية. كما ناقش تأثير تغير المناخ على قطاع الهيدروكربون والتزام شركة الهلال للنفط بمعايير الاستدامة والخطوات التي اتخذوها لتقليل انبعاثات الكربون. بالإضافة إلى ذلك، يخبرنا السيد جعفر عن أحدث مشاريعهم التي تدعم التعليم وتوظيف الشباب.


نود لو نبدأ بمقدمةٍ موجزة عنك وعن حياتك المهنية.

لقد نشأتُ في مدينة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة، نحن الآن مواطنون إماراتيون ولنا وجود في الامارات لما يقارب الخمسون عاماً، غيرَ أنّ عائلتي في الأصل عراقية من مدينة الكاظمية. شغلَ جدي الدكتور ضياء جعفر مناصباً عديدة في الحكومة العراقية من أواخر عقود الملكية، مِنها منصب وزير الأشغال والنقل ووزير الاقتصاد ووزير المالية ووزير التنمية والأمين العام لمجلس التنمية العراقي. 

أما بالنسبة لمسيرتي المهنية، فقد درست الهندسة في جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، ثم عملت لبضع سنوات في شركة شَلْ العالمية، أولاً في هولندا ثم في المملكة المتحدة في مجال التنقيب من ثم  الغاز والطاقة. حصلت بعدها على الماجستير في إدارة الأعمال في جامعة هارفارد وعدتُ بعدها إلى الإمارات العربية المتحدة في عام 2004 للانضمام إلى أعمال عائلتنا المتمثلة بمجموعة شركات الهلال. أطلقنا بعد ذلك شركة دانا غاز، أكبر شركة تابعة لنا. لم أترك العمل في مجال الطاقة على طول مسيرتي، فهي صناعة رائعة تجمع بين رأس المال والمشاريع والمخاطرة، ولها تعقيدات مثيرة للاهتمام فوق الأرض كما هي تحتها وخاصة في العراق وفي منطقتنا العربية. يزيدُ عمرُ شركتنا عن 50 عاماً ويقعُ مقرها الرئيسي في الشارقة في الإمارات العربية المتحدة، ولها مكاتب في جميع أنحاء العراق من الشمال إلى الجنوب، وأخرى حول العالم بما في ذلك المملكة المتحدة.


كيف ترون الوضع الحالي لصناعة النفط والغاز في العراق؟ وكيف تطورت خلال العقد الماضي؟

حين ننظر إلى هذا القطاع في العراق، فسنرى بوضوح تحقق بعض الإنجازات العظيمة قياساً بتحديات الماضي، ولكن ما تزال بعض التحديات الهامة مستمرة ويجب معالجتها حتى يتمكن العراق من تحقيق كامِلَ إمكانياته. يبلغ الاحتياطي الرسمي للعراق 140 مليار برميل من النفط ما عدا الغاز. ولعل هذه الأرقام أقل من الواقع، لأن العراق ما يزال غير مستكشَف إلى حدٍ كبير. وإذا ما نظرنا إلى تاريخ العراق، سنجد نمواً في الإنتاج حتى وعلى مدار عقد السبعينيات، حيثُ وصل الانتاج ما يقارب ثلاثة ملايين ونصف مليون برميل يومياً. ولكنّ عقوداً من الحروب والعقوبات تلت السبعينيات ساهمتْ في تدمير هذا القطاع. وعلى الرغم من وجود مهنيين ومهندسين مهرة لهم من الخبرة الشيء الكثير، فقد عانى قطاع النفط العراقي من القيود على رأس المال الدولي وافتقر للتكنولوجيا المتقدمة من القطاع العالمي.

كان الانتقال من نموذج الاقتصاد الاشتراكي البحت حيث تعمل الدولة وتدير النفط لوحدها، إلى نموذج الاستثمار الذي يقوده القطاع الخاص انتقالاً عسيراً. وإنَ دستور عام 2005 يدعو إلى هذا الانتقال الذي سيزيد من استفادة الشعب العراقي من الثروة النفطية، التي هي ملكهم بالأساس. ومع ذلك، فإنه يتطلب تغييراً ثورياً في العقلية حيث يستلزم نموذج العقد جولاتٍ متعددة من العطاءات وتحسيناً تدريجياً من العديد من الشركات. وبغض النظر عن هذه التحديات، فقد زاد العائد إلى 5 مليون برميل يومياً، وهو تحسن كبير عن الناتج السابق البالغ 2 مليون برميل يومياً، وهو ما يمكن عَدّهٌ إنجازاً جديراً بالتقدير.

السؤال المطروح الآن هو: كيف يمكن زيادة الإنتاج إلى ستة أو سبعة أو حتى 10 مليون برميل يومياً؟ وهو في رأيي أمر ممكن مع احتياطي العراق الذي يأتي ثانياً في المنطقة بعد المملكة العربية السعودية. يمكن أن يعادل إنتاج العراق أو حتى يتجاوز إنتاج المملكة العربية السعودية في مرحلة ما، لكن الطريق إلى تحقيق هذا مليئة بالتحديات، وأولها بطئ عملية صنع القرار والفساد في بعض جوانب الاقتصاد والذي يمكن أن يؤثر بدوره على قطاع النفط، بالإضافة إلى احتياجات البنية التحتية، ولا سيما معالجة المياه وحرق الغاز. ما تزال هذه التحديات مستمرة، ولا سيما في استخدام الغاز لإنتاج الكهرباء للشعب العراقي. لقد مر أكثر من 20 عاماً على الغزو الأمريكي، وما يزال العراقيون يعانون من عدم توفر الكهرباء على مدار 24 ساعة. من الجيد أن نرى أن الحكومة الجديدة أعطت الأولوية لوقف حرق الغاز واستخدام الغاز غير المصاحب. نلتزم في مجموعة نفط الهلال بأداء دورنا وتحقيق هذا الهدف.


كيف أثر تغير المناخ على قطاع الهيدروكربون؟

يعد تغير المناخ تحدياً عالمياً وقد انتشر تأثيره إلى كل قطاع وكل بلد. نواجه في العراق مشاكل محلية تزيد من حدة آثار تغيُر المناخ، منها حرق الغاز بحوالي 1.8 مليار قدم مكعب يومياً، والذي له أثرٌ مدمرٌ على البيئة وعلى صحة الانسان. بالإضافة لحرق الغاز هناك مشكلة شحة المياه، فبرغم امتلاك العراق نعمة النهرين، بيدَ أنّ مناسيبهما اليوم في تدنٍ غير مسبوق. ليس تغير المناخ المُلام الوحيد على هذا النقص، فالسدود التي بُنيَت على مجرى الرافدين في تركيا وسوريا أثرت على حصص العراق أيّما تأثير.

إنّ نقاش هذه المواضيع ذا اهمية قصوى لادارة المياه والموارد المائية. هناك دول أخرى تحوي مياهاً أقل بكثير، لكنها تديرها إدارةً أفضل من ناحية الري والاستخدامات الأخرى. ويمثل اللسان الملحي القادم من شط العرب مشكلة أخرى. هناك تحديات بيئية داخل قطاع النفط، وأسرع طريقة لخفض الانبعاثات هي استبدال وقود الديزل وغيره من أنواع الوقود السائل بالغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء وتشغيل الصناعة. طريقة انتاجنا للغاز بالاعتماد على استبدال وقود الديزل بالغاز الطبيعي لتوفير الطاقة، مكننا من تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 5 ملايين طن سنوياً، وهو أكثر من الكمية التي يمكن لجميع سيارات تَسلا في العالم تقليلها. وبمجرد اعتماد هذا الطريقة، يمكننا توفير كهرباء مستقرة على مدار 24 ساعة ومن بعدها نستطيع تمكين مصادر الطاقة المتجددة. من الجيد أن نرى الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان تسعيان إلى إضافة الطاقة الشمسية لتعزيز الغاز لتوليد الطاقة. يجب تجنب استخدام الوقود السائل للطاقة وقصر استخدامه في الصناعات البتروكيماوية فقط. 


إنّ شركة نفط الهلال معروفةٌ بالتزامها بالتنمية المستدامة، هلّا أخبرتنا عن عمل الشركة في هذا المجال؟

ما زلنا نُعِدُ تقاريرنا عن الاستدامة منذ حوالي عقد من الزمان، مع التركيز على الإطار العالمي البيئي والاجتماعي والحوكمة (ESG). بينما كان التركيز في البلدان الأكثر ثراءً في المقام الأول على الجانب البيئي، ففي بلد مثل العراق يكون التأثير الاجتماعي والحوكمة بنفس القدر من الأهمية. وما فتئنا نركز على كل ذلك طوال سنين عملنا في العراق، فاستثمرت مجموعتنا على مدى السنوات الـ15 الماضية أكثر من 3 مليارات دولار في العراق، بدءاً من قطاع الغاز في إقليم كردستان وانتهاءً إلى قطاع الغاز في ديالى، وكان ذلك من خلال بناء محطات الطاقة بواسطة مجموعة أوروك التابعة لنا في وسط العراق وفي الجنوب، شركة غولفتينر التابعة لنا تعمل في خطوط تشغيل محطات الحاويات في ميناء أم قصر. فعملياتنا في الطاقة والبنية التحتية ممتدة في جميع أنحاء البلاد.


مع كون تغير المناخ قضية عالمية مُلِّحة، ما هي الخطوات التي تتخذها شركة نفط الهلال للحد من بصمتها الكربونية في العراق؟

أعطينا على مدى سنين عديدة الأولوية للجهود المبذولة لتقليل بصمتنا الكربونية وكثافتها. إذا نظرنا إلى تاريخ الشركة، فقد بدأنا كمنتج للنفط بنسبة 100٪ في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، ونركز الآن على إنتاج الغاز الطبيعي الذي يشكل أكثر من 80٪ من عملياتنا. لقد خفضنا انبعاثاتنا بدرجةٍ كبيرة وقللنا حرق الغاز إلى الصفر تقريباً، وعوضنا الباقي من خلال شراء أرصدة الكربون المعتمدة من الأمم المتحدة، والتي تتيح وتدعم الطاقة المتجددة في آسيا وخاصة طاقة الرياح في الصين ومنغوليا. نتيجة لذلك، أعلنا صافي حياد الكربون الصفري عبر عملياتنا في أكتوبر 2021، وبالتالي أصبحنا أول شركة في منطقة الشرق الأوسط وواحدة من أوائل الشركات في العالم التي حققت هذا الإنجاز. لقد حافظنا على هذه الوتيرة وخفضنا كثافة الكربون لدينا إلى أقل من ثلث متوسط الصناعة العالمية. 

إنّ للنفط والغاز أدوار مهمة في تحُول صناعة الطاقة؛ إذ يمكن للغاز أن يحلّ محل الفحم في آسيا وأفريقيا أو الوقود السائل في الشرق الأوسط، والعراق على وجه الخصوص. هذا الانتقال هو أسرع طريقة لتقليل الانبعاثات وتمكين مصادر الطاقة المتجددة، والتي تكون متقطعة بطبيعتها وتحتاج إلى مصادر طاقة قائمة على النفط لدعمها عندما لا تكون الشمس مشرقة أو الرياح راكدة لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. 

بينما نتحرك نحو تشغيل النقل الخفيف على الكهرباء، فما يزال النقل الثقيل والنقل الجوي والشحن يتطلب النفط، وذلك لغياب البديل حالياً. تلعب البتروكيماويات أيضاً دوراً حيوياً في حياتنا اليومية، وحتى في أثناء جائحة كورونا كنّا قد اعتمدنا على المنتجات البترولية للمطهرات والأقنعة والمحاقن واللقاحات، وكلها تحتوي على الجليكول كعامل تثبيت. علاوة على ذلك، فإن أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية واشياء عدة اخرى تصنع من منتجات بترولية، وهو جانب من فوائد البترول الذي لا يحظى بالتقدير الكافي. لذلك، فلن يتوقف الطلب على النفط، ولكن سينتج ويستخدم بطرقٍ أكثر نظافة وبكثافة كربونية أقل. 


كيف توازن مجموعة نفط الهلال بين الحاجة إلى النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية في عملياتها التجارية؟

يتمثل دورنا في قطاع الغاز في الجمع بين الكهرباء التي تدعم الغاز وبأسعار معقولة وجودة أنظف مع فوائد ضخمة لكل من البيئة والاقتصاد. من خلال إنتاجنا للغاز في العراق، تجنبنا بالفعل أكثر من 50 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مع المساهمة أيضاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي وخلق قيمة اقتصادية تزيد عن 25 مليار دولار. جميع تقاريرنا مصادق عليها من شركة الاستشارات والمحاسبة العالمية برايس ووترهاوس كوبرز (PWC). تلقى مشروعنا للغاز 250 مليون دولار من الدعم المالي من مؤسسة تمويل التنمية الأمريكية نظراً لفوائده الجمّة لكل من الاقتصاد والبيئة.


هلّا أخبرتنا المزيد عن قسم رأس المال الاستثماري للشركة؟

بصفتي رئيساً لجانب الطاقة في مجموعة الهلال، أدير شركة نفط الهلال وشركة دانا غاز التابعة لها. ويدير أخي بدر شركة مؤسسات الهلال (Crescent Enterprises)، وهي معنيةٌ بالجانب غير المتعلق بالطاقة وتحتوي على أفرع استثمارية مختلفة مثل Crescent Create، التي تدعم الشركات الناشئة، و Crescent Ventures، وهي ذراع رأس المال الاستثماري الخاص بنا. وتقوم بحوالي 30٪ من استثماراتها من خلال الصناديق وحوالي 70٪ عبر الاستثمارات المباشرة، بعضها في منطقتنا بما في ذلك العراق والبعض الآخر في الولايات المتحدة أو الهند أو أجزاء أخرى من العالم. وهي تركز على أنواع مختلفة من التكنولوجيا بما في ذلك التقليدية منها والمالية والتكنولوجيا الحيوية والطبية والعميقة. لدينا أيضاً Crescent Invest، وهو جانب الأسهم الخاصة من حيث نضج الأعمال، ويعمل غالباً من خلال الصناديق أو الاستثمار المشترك. وبالإضافة إلى هذه الكيانات، تدير مجموعة الهلال أيضا شركة لإدارة الموانئ، هي شركة Gulftainer التي تعد الاكبر من نوعها في هذا المجال، وهي ايضاً تعمل في العراق، فضلا عن بقية منطقة الشرق الأوسط، وقد توسعت لتشمل مينائين في الولايات المتحدة.


بصفتها لاعباً رائداً في صناعة الطاقة، كيف تتصور مجموعة الهلال مستقبل العراق من حيث إنتاج الطاقة واستهلاكها؟

يصدر العراق معظم ما يُنتِجُ من نفط ويجب أن يزيد إنتاجنا النفطي على أكثر من 5 ملايين، ونأمل أن يتضاعف إلى 10 ملايين وأكثر. على الرغم من انتقال العالم إلى مصادر طاقة أنظف، فسيظل النفط والغاز في العراق قادرين على المنافسة لفترة طويلة لأنهما من بين الأرخص في العالم والاقل بنسبة الكاربون. ومع ذلك، يجب أن نتجنب عقلية ترك موارد العراق من النفط والغاز في الأرض للأجيال القادمة، إذ قد تتراجع قيمتهما في المستقبل. يجب أن نتعلم كذلك من دول مثل الإمارات العربية المتحدة، إذ عظّموا من الإنتاج واستخدام الأرباح لتنويع اقتصادهم وضمان مرونته لأجل المستقبل.

إنّ هيئة أبو ظبي للاستثمار هي الأخرى مثالٌ رائع، حيث تدير ما يقرب من تريليون دولار من الأصول، إلى جانب الصناديق الكبيرة الأخرى. يسمح هذا الاقتصاد المتنوع لهم بالبقاء مرنين حتى عندما ينخفض سعر النفط إلى 20 دولاراً للبرميل. وفيما يتعلق بالاستهلاك المحلي، فإن المشكلة بالنسبة للعراق لا تكمن في أنه يستهلك أكثر مما ينتج، بل في أنه لا يستخدم موارده بكفاءة، ولا سيما الغاز. يحرق العراق حالياً 1.8 مليار قدم مكعب من الغاز في الجنوب ولديه الكثير من حقول الغاز غير المستغلة.

بدأنا نلعب دورنا في تطوير الحقول الموجودة في ديالى. ومع ذلك، هناك حاجة إلى استثمارات لالتقاط الغاز المفقود بسبب الحرق لتمكين توليد الكهرباء ونقلها وتوزيعها. وتحتاج جميع عناصر سلسلة قيمة الطاقة هذه إلى المشاريع الصحيحة التي يتعين تنفيذها دون مزيد من التأخير. ومن المؤسف أنّ العراق الذي يمتلك موارد طاقة هائلة، لا يوفر الكهرباء على مدار 24/7 لمواطنيه إنّما يستوردها، ويستورد كذلك الغاز بكميات كبيرة ويحرق كميات أكبر منه. أعطت الحكومة الجديدة الأولوية لمعالجة هذه القضايا، ونأمل أن نرى النجاح قريباً.


شاركت مجموعة هلال النفط بنشاط في مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات. هل يمكنكم أن تخبرونا عن بعض المشاريع البارزة التي اضطلعت بها المجموعة في هذا الصدد، ولا سيما في العراق؟

تتمثل أولويتنا القصوى دائماً في تلبية الاحتياجات المحلية في المناطق التي نعمل فيها، ومن ثم تقديم دعمنا للبلد بأكمله أيضاً. عندما بدأنا العمل لأول مرة، كانت لدى المجتمعات المحلية مخاوف حقيقية بشأن خططنا لاستخراج الغاز من أراضيهم وإرساله إلى المدن للحصول على الكهرباء دون تلبية احتياجاتهم من الكهرباء. لمعالجة هذا، وفرنا الكهرباء في القرى القريبة من المناطق التي نعمل بها قبل أن نبدأ عملياتنا. نحن أيضاً بدورنا نعطي الأولوية لتلبية الاحتياجات المحلية من حيث المياه والتعليم والرعاية الصحية، لا سيما أثناء جائحة كورونا، حيث قمنا بتوزيع حزم الإغاثة في شكل طعام وكمامات ومعقمات ومواد تعليمية.

لطالما كان هذا النهج هو جوهر عملياتنا، كما أقمنا شراكات مع منظمات على الصعيدين الإقليمي والوطني، مثل مؤسسة عمار، لتلبية احتياجات مخيمات المهجرين داخلياً في العراق، ودعم المستشفيات المحلية وتمكين الشباب ومعالجة البطالة من خلال رفع مستوى مهارات الشباب في سوق العمل.


لقد كنتَ جزءاً من العديد من المبادرات التي تدعم التعليم وتوظيف الشباب. هلّا أخبرتنا عن ذلك؟ 

أقمنا شراكات مع عدة منظمات فيما يتعلق بالتعليم وتشغيل الشباب. أحدها هو التعليم من أجل العمل، والذي يركز على تحسين مهارات توظيف للشباب. هناكَ مبادرة أخرى وهي دخولنا في شراكة مع منظمة إدراك، وهي جزء من مبادرة مؤسسة الملكة رانيا، وكذلك برنامج تصميم المدعوم من المجلس البريطاني. تهدف إدراك إلى تحسين مهارات التوظيف للشباب مثل اللغة الإنجليزية ومهارات تكنولوجيا المعلومات والمهارات اللينة مثل العمل الجماعي وآداب المكتب، والتي تعتبر ضرورية للتوظيف ولكن لا تُدَرس دائماً في أنظمة التعليم العام في العراق أو منطقة الشرق الأوسط.

نظمنا من خلال شراكاتنا مع هذه المنظمات العديد من الدورات التدريبية عبر الإنترنت التي تم تنزيلها أكثر من 500,000 مرة، منها أكثر من 100,000 تنزيل من الشباب العراقي. نعتقد أن البطالة هي التحدي الأكبر الذي يواجه منطقتنا بأكملها، حيث يوجد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أعلى معدل بطالة للشباب في العالم بنحو 30٪، واستمر هذا المعدل بالنمو خلال العقد الماضي. وبطالة الشابات أعلى من ذلك، حيث تبلغ حوالي 40٪. لكن ما لدينا أيضاً هو ارتفاع معدل المواليد، وهو أمر تحسدنا عليه مناطق أخرى من العالم، مثل روسيا وأوروبا والصين واليابان، بسبب انخفاض عدد سكانها. لكن إيجاد فرص عمل منتجة لهؤلاء الشباب يمثل تحدياً صعباً. نعتقد كذلك أن الاستثمار والنمو والعمالة بقيادة القطاع الخاص هي مفتاح العمالة المستدامة والمنتجة. لا يمكن الاستمرار في الاعتماد على الحكومة لتوظيف الجميع، كما لوحظ في الاقتصادات الأخرى في المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية ومصر.


ما هي أكبر التحديات والفرص التي تواجه شركة نفط الهلال في العراق في السنوات القادمة؟

إنّ من ضمن التحديات التي تواجهنا هي بطئ صناعة القرار، رغم أننا شهدنا تحسنا كبيرا في هذا المجال. لا يزال الأمن كذلك يمثل تحدياً، لكن التوقعات أصبحت أكثر إيجابية. هناك أيضاً حاجة إلى البنية التحتية، بما في ذلك التعليم والصحة والبنية التحتية المادية كمعالجة المياه، وهو أمر بالغ الأهمية لقطاع النفط والغاز وكذلك لكل شخص في البلاد. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإننا متفائلون بشأن الفرص المتاحة في العراق. تشهدُ البلاد سوقاً متنامياً مع الشباب المتحمسين والاحتياجات الاستثمارية في كل قطاع من قطاعات الاقتصاد. ونحنُ نركز حتماً في مجموعة نفط الهلال  على قطاعي النفط والغاز، وخاصة الغاز الطبيعي. إنّ الاحتياطيات والإمكانات في هذين القطاعين ضخمة، كما أنّ فرصة القيام باعمال خيرية بينما نقوم بأداء الجيد ضخمة أيضاً، حيث يتيح الغاز الطبيعي انتاج الكهرباء بأسعار معقولة ويساهم في التنمية الصناعية وخلق فرص عمل ويساعد في معالجة تغير المناخ في الوقتِ عينه. لذلك، نحن متفائلون ومفعمون بالأمل. فما زلنا نشيطين في العراق منذ أكثر من 15 عاماً، ونحن ملتزمون تجاه البلاد من خلال اتفاقياتنا لعقود قادمة.


More Arabic Articles

تمكين المَرأة في الإقتصاد الرقمي العراقي: مُبادرة "She Codes Too"

غدت المعرفة بالأمور الرقمية أمراً لا بد منه لسلك دروب عالمنا الحديث في مجتمعنا سريع التطوّر اليوم. ومع تَزايد اعتماد مُجتمعاتنا واقتصاداتنا... read more

مقابلة مع الدكتور حسن الخطيب

الدكتور الخطيب هو المستشار الاستراتيجي لرئيس وزراء العراق في كل شيء رقمي. وهو منصب يرفده بعقودٍ من الخبرة في مجال التكنولوجيا في... read more

استثمر في كوردستان: نظرة عامة على القطاعات ذات الأولوية

إقليم كوردستان العراق هو إقليمٌ يتمتع بالحكم الذاتي يقع في الجزء الشمالي من العراق، وله موقع استراتيجي مهمٌ عند التقاء أوروبا وآسيا... read more

تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إقليم كوردستان: نظرة عامة على المهارات الرقمية والقطاعات وفرص الاستثمار

يقع إقليم كوردستان في شمال العراق ويضم أربع محافظات هي دهوك، والسليمانية، وحلبجة، وأربيل، والأخيرة هي عاصمته. تمتد هذه المحافظات مجتمعة على... read more

تحول التعليم الجامعي في كوردستان العراق: اجتياز العقبات وتبني التغيير الإيجابي

واجه التعليم في إقليم كوردستان العراق العديد من التحديات في الماضي، لكنه أيضاً شهد تحولاً مطرداً في السنوات الأخيرة. لقد أدرك الإقليم... read more

Posted in on Tuesday, 13th June, 2023