جوان ماركيز هي مستشار أقدم لدى شركة رانواي ستراتيجيز (Runway Strategies)، وهي شركة استشارات استراتيجية عالمية تساعد الشركات الناشئة على الإبحار في عالم السياسة العامة. شغلت السيدة ماركيز سابقاً مناصب في القطاع العام والمنظمات الدولية والقطاع الخاص في عديدٍ من الصناعات وعبر عدة اقطار. وهي أيضاً عضوٌ مؤسس في شبكة بلي بوك (Playbook) الرقمية، وهي ومنصة تعليمية تجمع النساء معاً ودعمهم في تحقيق اهداف تطويرهن مهنياً. بالإضافة لذلك، السيدة ماركيز عضوٌ في مجلس إدارة صندوق العراق للتعليم العالي وجزء من شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية (IAIN).
تناقش السيدة ماركيز في هذه المقابلة الدور الأساسي للسياسات العامة في دعم التحول الرقمي وتشكيل بيئات الأعمال والصناعات للمستقبل. وتشاركنا أسباب انضمامها إلى شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية، وإعجابها برواد الأعمال العراقيين، ثم تتناول الدور الحاسم للتعليم في إعداد الأفراد للقطاع الخاص الحالي والمستقبلي، وأخيراً تطرح آرائها حول عدم المساواة بين الجنسين وكيفية التغلب عليها.
نود معرفة المزيد عنك وعن حياتك المهنية.
ولدت في الولايات المتحدة لأبوين مهاجرين عراقيين كلدانيين امتلكا الشجاعة للهجرة خارج وطنهم وهما خاليا الوفاض ليبنيا حياةً من الصفر من دون ثروة ينفقان منها أو تعليم يعتمدان عليه ولا حتى لغة يتواصلان بها. لكن ما ادخراه للتصدي لهذه الرحلة الشاقة هو قوة شخصية لا مثيل لها، وارادة للعمل بجد وعزيمة، يشدها إحساس عميق بالمجتمع ويسندها الكثير والكثير من الأمل. ورغم الصعوبات التي اعترضت طريقهما، والتي تواجه معظم المهاجرين عند استقرارهم في بلد جديد، فقد حرصا على أن يغرسا فينا روح المثابرة والاجتهاد في العمل والدراسة. لقد كانا مصممين على منحنا فرصاً لم تتح لهم. علماني دروساً كثيرة، أهمها كيف احول الشدة إلى قوة.
لم أتأثر فقط بتجاربي الشخصية التي مررت بها كوني طفلة لعائلة مهاجرة، ولكنني استفدت أيضاً من التعرف على مجتمع من المهاجرين من مختلف أنحاء العالم. مهاجرون ظلَّوا متمسكين بثقافاتهم وخلفياتهم المتنوعة رغم تحولهم إلى مواطنين أمريكيين. جعلني هذا أقدر فوائد التنوع منذ نعومة أظافري، وإن حبي له هو من الأشياء التي استمرت بجذبي إلى العراق. لا شك أن العراق من أكثر البلدان تنوعاً في منطقة الشرق الأوسط بفسيفسائه التي تشمل دياناتٍ ولغات وأعراق عديدة. وكلما تعمقت في تنوعه، زاد افتتاني به. إن هذا التنوع من أعظم هدايا هذه الأرض، وعند اعتناقه يصبح مصدر قوة عظيمة.
عندما بدأت دراستي الجامعية لم أكن متيقنةً تماماً من أهدافي على الصعيد المهني. لكن إحدى مزايا نظام التعليم العالي في الولايات المتحدة هي أنه يمنحك المساحة والوقت لاستكشاف اهتماماتك قبل الاضطرار إلى اتخاذ قرار بشأن التخصص. كنت منجذبةً للنشاطات والتحديات في الشرق الأوسط، وكان لدي أيضاً ارتباط شخصي جداً بالمنطقة. أثناء دراستي في جامعة ميشيغان، قررت الحصول على درجة البكالوريوس في الآداب في كل من العلوم السياسية ودراسات الشرق الأدنى، حيث جمعت اهتماماتي بالمنطقة مع اهتمامي برسم السياسات. وبعد التخرج التحقت بكلية الحقوق في جامعة كيس ويسترن ريزيرف ولكن سرعان ما أدركت أنني لا أريد أن أصبح محاميةً بالمعنى المعتاد. لقد كانت الجوانب السياسية من تشريع القوانين وجميع أعمال الدفاع عن الحقوق المطلوبة لتطوير سياسة عامة سليمة هي التي تستهويني أكثر من غيرها. فهي تكشف لك أنك قد تتغير دائماً. قد تسلك طريقاً ما ثم تدرك أنه ليس بالضرورة طريقك المناسب على المدى البعيد. ومع ذلك، فإن كل رحلة تقطعها تدعم رحلتك الأوسع.
بعد التخرج من كلية الحقوق كنت أرغب في الحصول على خبرة عملية من خلال العمل في الحكومة. لذا عندما سنحت لي فرصة الانضمام إلى القطاع العام، كنت متحمسةً لانتهازها. كان العمل مباشرة في القطاع العام بالنسبة لي فرصة للعمل والتعلم وتقديم مساهمة ملموسة. قضيت ست سنوات في العمل في القطاع العام، وخدمت في كِلا الفرعين التشريعي والتنفيذي للحكومة الأمريكية والمنظمات الدولية. إن فهم كيفية عمل القطاع العام من الداخل هو مفتاح عمل الدعوة الناجحة. وهبتني الناصب المتنوعة التي شغلتها مهارة رؤية الأشياء من منظور أمريكي وآخر دولي. ومع ذلك شعرت أنه من المهم أيضاً أن يكون لدي خبرة في القطاع الخاص في بداية مسيرتي المهنية. لذلك انتقلت إلى الشرق الأوسط في عام 2009 لأخوض أول تجربة لي في القطاع الخاص للشركات وقضيت أكثر من عقد أعيش وأعمل في المنطقة مع شركات مختلفة اختلافاً كبيراً. أحد الأشياء الرائعة في العمل في مجال السياسة العامة هو أنه مهارة يمكن نقلها عبر الصناعات، لذلك كنت مستعدة للانتقال إلى صناعة مختلفة، فإن هذه الفرص ستبقى سانحةً دوماً. ولن تكون مملة أبداً لأنها تمكنك من التعرف على قطاعات مختلفة والعمل فيها إذا ما رغبت.
كيف كان الانتقال من العمل في القطاع العام إلى القطاع الخاص؟
كانت تجربتي الأولى في قطاع الشركات مع شركة هانيويل انترناشيونال (Honeywell International). لقد كانت فرصة رائعة لمساعدتهم على بدء العمليات في العراق، لكنها كانت بالتأكيد مختلفة تماماً عن العمل الذي كنت أقوم به في القطاع العام. أعتقد أنه عندما تجري مثل هذا التحول، من المهم أن تنتقل إلى دور أنت متحمس جداً له. كانت بيئة سريعة الحركة وتعلمت من تجربتي فيها الكثير عن العمل الذي ينطوي على دخول سوق جديدة، مثل السوق العراقية المثيرة والصعبة. عندما استذكر تجاربي في القطاع الخاص حتى الآن، أدرك أن بعض الأدوار التي استمتعت بها أكثر من غيرها كانت تلك التي شعرت فيها أنني جزء من بناء شيء ما. على سبيل المثال، كانت تجربتي مع شركة هانيويل في العمل على إعداد الأعمال التجارية في العراق تشبه جداً تجربتي مع أوبر. قد يبدو هذا مفاجئاً نظراً لأن هاتين الشركتين مختلفتين تماماً - إحداهما شركة صناعية متعددة الجنسيات راسخة للغاية، والأخرى كانت شركة تقنية ناشئة. ومع ذلك، كانت التجربتان متقاربتين للغاية. كانت أوبر ما تزال تبدو كشركة ناشئة في المنطقة عندما كنت اعمل فيها. كان جوها مليئاً بالنشاط والجميع يعمل بتركيز عالٍ واندفاعٍ نحو إحداث تأثير ملموس. كنا في وضع البناء المستمر، فلا ننفك نطرح منتجات جديدة ونلج أسواق لم نطرقها من قبل. وفي شركة هانيويل، كنا نؤسس العمليات ونبني مشروعاً تجارياً في العراق من الصفر وننشئ البنية التحتية المحلية ونوظف فريق العمل. كان كل عضو في الفريق ملتزماً تماماً وعينه على الهدف. لقد كانت بيئة مكثفة، لكننا استطعنا أن نرى بسرعة التأثير الإيجابي للجهد الذي نبذله، مما حفزنا لأن نواصل العمل على الرغم من التحديات. من الضروري أن تكون متفتح الذهن بشأن الأدوار التي تأتي في طريقك. كن منفتحاً على الفرص الصعبة التي تخرجك من منطقة راحتك. غالباً ما تكون هذه الفرص هي الأهم، على الصعيدين المهني والشخصي.
لقد عملتي سابقاً مع أوبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجال السياسة؛ كيف يمكن للسياسة أن تعالج التحديات في قطاع النقل العراقي لضمان بناء بنية تحتية ولوائح أفضل لعمل شركات النقل والتوصيل للوجهة الأخيرة؟
إن النقل في أساسه هو حركة البضائع والأشخاص من مكان إلى آخر. يعد دور الحكومة محورياً لضمان أن حركة الأشخاص والبضائع تجري بطريقة ميسورة التكلفة وموثوقة وفعالة وآمنة. يعد قطاع النقل ككل مساهماً رئيسياً في النمو الاقتصادي والتنمية للبلد. فهو بالإضافة لكونه مصدراً لخلق الوظائف، يسهل وصول وسائل النقل متعدد الوسائط إلى فرص العمل في جميع قطاعات الاقتصاد. لذلك فأنه من المهم التعامل مع القطاع من عدة زوايا في بلد مثل العراق. أولاً، يجب إعطاء الأولوية لاحتياجات النقل. في بلد يشكو من الكثير من الاحتياجات، سيكون هناك العديد من الأولويات المتنافسة، لكن النقل يدعم بقية الاقتصاد. وبالتالي، يجب أن يتصدر قائمة أولويات الحكومة. ثانياً، يعد الاستثمار في النقل العام الجماعي أمراً جوهرياً، ولكن من المهم بنفس القدر وجود إطار تنظيمي يدعم وجود قطاع خاص قوي ومتعدد الوسائط وتنافسي يسد احتياجات النقل في البلاد بشكل أكبر. يحتاج مثل هذا الإطار إلى النظر إلى القطاع بكليته. تُعد الخدمات التي تقدمها شركات النقل السريع وشركات التوصيل للوجهة الأخيرة مكملة لشبكة نقل قطاع عام فعالة وآمنة. وأخيراً، يحتاج القطاعان العام والخاص إلى الانخراط بشكل مباشر وشفاف مع بعضهما البعض. كلما كانت عملية صنع السياسة أكثر تشاورية وشفافية كانت النتيجة أفضل.
إذا أخذنا أصحاب المصلحة في عين الاعتبار، هل هناك أي سياسات معينة عملت عليها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي يمكن للعراق اعتمادها لتسهيل تبنيه التقنيات الرقمية؟
من المؤكد أن المنطقة لا تخلو من أصحاب المصلحة الحكوميين الذين يُحسِنون صنع السياسات في المنطقة. لكن أنجح صانعي السياسات في المنطقة هم الذين يدركون أهمية وجود قطاع خاص مستقل وديناميكي ومزدهر، ويفهمون فوائد الانخراط في حوار مفتوح مع القطاع الخاص ويأخذون الوقت الكافي لجمع وجهات النظر والآراء من القطاع الخاص عندما يتعلق الأمر باللوائح المستقبلية ويعملون بالتعاون معه لتغيير السياسات عند الحاجة. لا يأتي هذا دائماً بشكل طبيعي، لا سيما لأصحاب المصلحة الحكوميين في البلدان التي كان لديها تاريخياً اقتصاد خاضع للسيطرة المركزية. في العراق على وجه الخصوص، من المهم أن تلقي الحكومة نظرة فاحصة على التشريعات القائمة لأنه لا شك في أن مناخ الأعمال بحاجة إلى تحسين كبير. ومن خلال توفير المشهد التنظيمي المطلوب والاستثمارات في البنية التحتية، فإن الخدمات الرقمية لديها القدرة على إحداث تحول جذري في اقتصاد العراق نحو الأفضل.
كيف يربط الانضمام إلى رانواي ستراتيجيز بين جبهتي ريادة الأعمال وصنع السياسات؟ وكيف يمكن للسياسات تمكين ريادة الأعمال والدفع نحو الابتكار والتحول التكنولوجي؟
نقدم في رانواي ستراتيجيز المشورة والدعم بشأن السياسات للشركات المبتكرة والريادية. كل عميل من عملائنا في مرحلة مختلفة من رحلته لبدء التشغيل. ولذلك فإننا نصمم عروضنا لتناسب احتياجات سياستهم. علاوة على ذلك، ستعتمد احتياجات سياسة عملائنا أيضاً على الصناعة المعنية. نحن نعمل معهم لرفع العراقيل التنظيمية، ودعم جهود المُنَاصَرَة الخاصة بهم، وتلبية احتياجاتهم لدخول السوق. يلعب صانعو السياسات دوراً حاسماً في حماية المستهلكين وضمان العدالة في الساحة وضمان سوق تنافسية وفي تنمية ورعاية بيئات أعمال الشركات الناشئة المحلية، ويمتلكون القدرة على سن سياسات يمكن أن تخنق الابتكار أو تساعده على الازدهار.
يمكن لواضعي السياسات خلق بيئة مواتية للشركات الناشئة للنمو بعدة طرق. تتضمن بعض هذه الطرق السماح بوضع الحماية التنظيمية ودعم الحاضنات والمسرعات وتوفير الضرائب والحوافز الأخرى وإزالة الحواجز التنظيمية. كما لا يمكن التقليل من أهمية الحوار المتبادَل بين صانعي السياسات ورجال الأعمال. يجب على صانعي السياسات التواصل مع رواد الأعمال تواصلاً مباشراً للاطلاع على مواضع الشكوى لديهم حتى يتمكنوا من معالجتها. وبالمثل، من المهم أيضاً أن يعمل رواد الأعمال على مراعات ملاحظات صانعي السياسات.
علاوة على ذلك، عندما يزيل صانعو السياسات الحواجز التنظيمية ويطورون سياسات تنظيمية تدعم بيئات أعمال مزدهرة ونامية، فإن هذا سيشجع المزيد من رواد الأعمال على إطلاق أعمالهم، وسيمنح المستثمرين المحليين والدوليين الثقة لزيادة استثماراتهم في مجتمع الشركات الناشئة المحلي.
هل تعتقدين أن المشهد الريادي العراقي جاهز لإجراء حوارات حول السياسات المتبعة؟
أعتقد أن ما يجري في مشهد ريادة الأعمال العراقي أمرٌ استثنائي. رواد الأعمال هؤلاء مجربون في المعارك. إنهم يعيشون ويعملون في واحدةٍ من أكثر البيئات تحدياً في العالم، ورغم ذلك ما زالوا قادرين على بناء أعمالهم. روح رجال الأعمال العراقيين تملؤها الحيويَّة والنَّشاط، ولكن لا ينبغي أن تكون رحلتهم صعبة كما هي. إن الضغط الذي يتحمله رواد الأعمال والمؤسسون عند بدء عمل تجاري في أي مكان في العالم هو ضغط هائل ولكن يتضاعف عند العمل في بيئة أعمال مثل بيئة العراق التي تحتاج إلى إصلاح بشكل عاجل. هنا يكون حوار السياسات مع أصحاب المصلحة الحكوميين أمراً بالغ الأهمية. من بعض النواحي، يكون رواد الأعمال العراقيون في وضع أفضل للدفاع عن التغيير من الشركات العالمية التي لم تتواجد بعد محلياً في السوق العراقية، على سبيل المثال. إنهم يفهمون احتياجات السوق المحلية ونقاط الألم بشكل أفضل من أي شخص آخر. يمكن أن تكون قوة رئيسية لتغيير السياسات لأنها محلية، وتوظف محلياً، وتستثمر بالفعل في الاقتصاد المحلي وتنميته. علاوة على ذلك، فإن المناصرة الجماعية لا تقل أهمية عن المناصرة الفردية، وفي بعض الحالات - تزيد عليها. وسواء حدث ذلك من خلال جمعيات مجتمعية أو صناعية، فإن له تأثيراً مضاعفاً هائلاً. إذا اتحدوا، فسيكون لهم صوت مسموع أكثر.
هل يمكنك اخبارنا لماذا انضمَمْتِ إلى شبكة المستثمرين المخاطرين العراقيين؟ وإذا كنت قد حضرتِ أيّ عروض تقديمية؟ وما هو انطباعك عن المشهد الريادي العراقي؟
لقد تحدثت سابقاً عن نشأتي وتعلمي قوة الصمود. مر العراقيون بمحن كثيرة على مدى العقود الأربعة الماضية، وتُرجِمت تلك المحن إلى قوة صمودٍ مدهشة. هذا الصمود سمة مميزة أساسية لأي مؤسس ناجح. ولكي تنجح في النهاية كمؤسس، عليك أن تصمد في وجه العواصف. انضممت إلى شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية لأنني أعتقد أن الأشخاص الذين يواجهون المحن يصبحون قادة أعمال أفضل وأعتقد أن ريادة الأعمال هي مفتاح النمو الاقتصادي والاستقرار في العراق. ونعم، لقد حضرت بعض العروض ولابد أن اقر بانبهاري بها. بعضها يمكن أن يُقَدَم في أي مكان في العالم. من الواضح أن العمل الذي تقوم به المسرعات والحاضنات المختلفة في العراق يؤتي ثماره.
هل يمكنك إخبارنا بالمزيد عن مشاركتك في بلي بوك، وما هدفه وكيف يساعد في تقليل عدم المساواة بين الجنسين في بيئة الاعمال؟
حدد مؤسسو بلي بوك حاجة حقيقية في المنطقة لمنصة تعليمية رقمية تركز بشكل خاص على التطوير المهني للمرأة، وقد قاموا ببناء منصة فريدة لتلبية هذه الاحتياجات. لقد أُعجبت بعملهم، لذلك قررت الانضمام لهم. يوفر بلي بوك ملتقىً يمنح النساء الفرصة للتواصل والتعلم من ودعم بعضهن البعض. إنها منصة للتواصل ومنصة تعليمية تحتوي على ندوات احترافية متقدمة مذهلة متاحة لجميع الأعضاء. وهذا المزيج هو الذي يجعله مميزاً للغاية.
أعتقد أنه من المفيد أن يكون لديك شبكة دعم متنوعة. قد يكون من المفيد للغاية الانخراط مع النساء اللواتي تعرفت عليهن اجتماعياً وثقافياً، نساء واجهن نفس العوائق التي واجهتها. لكن من الرائع أيضاً أن نتعرف على نساء ينتمين إلى خلفية مختلفة تماماً. يحتوي بلي بوك على هذا العنصر الجوهري: فهو يساعد النساء في العثور على شبكة دعم معنوي على المستوى الشخصي لهن أينما كانوا. يمكن أن تجد النساء مصدر إلهام في القيادات النسائية الأخريات ورحلاتهن الفردية من خلال منصة بلي بوك الرقمية من منازلهن المريحة.
برأيك، ما هي الأسباب الجذرية لعدم المساواة بين الجنسين في بيئة الاعمال، وكيف يمكننا التغلب عليها؟
من الواضح أن هناك العديد من أسباب عدم المساواة بين الجنسين، لكن الافتقار للوصول إلى التعليم هو بالتأكيد أحد الأسباب الجذرية. إنه أحد الأسباب التي تجعلني حريصةً جداً على دعم المبادرات التعليمية والتدريبية. في النهاية، أعتقد أن لكل بلد رحلته الخاصة. تتقدم بعض البلدان في معالجة أوجه عدم المساواة، والبعض الآخر قد بدأ للتو. في مجال الشركات الناشئة على وجه التحديد، في العديد من البلدان، لا يوجد نقص في رائدات الأعمال. لكن للأسف، فإن رائدات الأعمال هؤلاء لا يحصلن إلا على حصة ضئيلة من رأس المال الاستثماري المتاح. لذلك وباختصار لقد قطعنا شوطاً طويلاً، ولكن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به. وفي العراق على وجه التحديد، على الرغم من العقبات هناك الكثير مما يدعو للتفاؤل. لقد تشرفت بالتعرف على الكثير من القائدات من النساء العراقيات اللاتي كان لهن تأثير إيجابي كبير في العراق. لقد أظهرنَّ الكثير من القوة والمرونة. إنه أمر ملهم حقاً.
لا شك أن كِلا القطاعين العام والخاص لهما دور يلعبانه. لكن لكل منا دورها الذي تؤديه كفرد. من الضروري أن نرفع صوتنا عندما نرى ظلماً أو سلوكاً غير لائق، بغض النظر عن الجنس، حتى لو كان ذلك سيكلفنا شخصياً. لقد استفدت في وقت مبكر جداً من مسيرتي المهنية من وجود مرشدين رائعين خلال فترة وجودي في القطاع العام والقطاع الخاص. لقد استثمروا في تطوري وأعطوني مساحة للنمو، وذكروني بالثقة بحدسي. لقد ضربوا لي أروع مثالٍ في القيادة الحقيقية. يتعلق الأمر بالاستثمار في فريقك ونموه، ومنحهم الحرية للقيام بعملهم، وفي النهاية معاملتهم باحترام. مثل هذا الإرشاد له دور فعال في تطوير المسار المهني للفرد. علينا جميعاً أن نرد الجميل ونوفر الفرصة نفسها بتقديم الإرشاد والدعم للآخرين.
نعلم أنكِ مؤيدة قوية للتعليم. هل هذا هو ما دفعك لتصبحين عضواً في مجلس صندوق العراق للتعليم العالي؟ هلا أخبرتِنا بالمزيد عن ذلك وما الذي يحاولون انجازه؟
لا يعني التعليم دائماً الحصول على شهادة. يمكن التعلم من التجارب العملية في الحياة الواقعية، حيث تأتي على هيئة تدريب المهارات أو من العيش أو العمل في عدة بلدان. لكن وبلا شك، في عالمنا سريع التغير هذا لا بد أن يصبح التعلم جزءاً ثابتاً من حياتنا. وهذا ما جعلني أود ان أصبح عضواً في صندوق العراق للتعليم العالي. إنها منظمة رائعة تسد فجوة كبيرة في نظام التعليم العراقي من خلال تزويد العراقيين بالمهارات التي يحتاجونها للتنقل في مسار حياتهم المهنية بنجاح الآن وفي المستقبل. واحدة من برامجهم الرئيسية هي كلية بغداد للأعمال. كما هو الحال في أي مكان آخر، فإن النظام التعليمي الحالي في العراق ليس مستعداً بعد لتعليم الأفراد وتدريبهم لمستقبل العمل. وفي النهاية، يجب أن يكون التعليم أكثر من مجرد نظرية، فالمهارات العملية ضرورية للغاية. يوفر صندوق العراق للتعليم العالي للعراقيين فرصة لاكتساب تلك المهارات العملية بالغة الاهمية، وبالتالي إعداد أجيال من العراقيين لمستقبل العمل. إنه لشرف أن أكون جزءاً من منظمة لها مثل هذا التأثير الهادف.