بسام العطية هو المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة عالسريع القابضة. تضم المجموعة شركة عالسريع وهي منصة لتوصيل الطعام، والزاجل وهي خدمة توصيل للوجهة الأخيرة. وهو أيضاً رجل أعمال ذو خبرة وشريك إداري في مجموعة العطية. تعمل المجموعة في العديد من الدول بما في ذلك ألمانيا والإمارات والعراق. تضم المجموعة عدة شركات تقدم خدمات مختلفة مثل البناء والتجارة والخدمات الصناعية.
يروي لنا السيد بسام العطية قصة انطلاق عالسريع ويناقش تحديات السوق في هذا القطاع ودور المنافسة في التحول الرقمي ونمو السوق وضرورة وجود ضوابط مناسبة. كما يؤكد مسؤولية شركات القطاع الخاص في تطوير الموارد البشرية العراقية ويعطينا لمحة عن الخطط المستقبلية لشركة عالسريع.
أولا، عرفنا أكثر بنفسك.
اسمي بسام العطية، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة عالسريع القابضة. درست الهندسة ثم أكملت الماجستير في الهندسة المدنية ثم حصلت على ماجستير إدارة الأعمال من كلية لندن للأعمال. قبل عالسريع، شاركت في تأسيس مجموعة العطية وإدارتها. تتكون المجموعة من خمس شركات، شركة خدمات إنشاءات في ألمانيا وشركة تجارية في الإمارات وثلاث شركات في العراق. إحداها شركة إنشاءات كبيرة، والأخرى شركة خدمات نفط وغاز في البصرة والأخرى شركة صناعية تنتج الأنابيب المموجة. نحن الشركة الوحيدة في العراق التي تنتج هذا النوع من التكنولوجيا.
كيف ولجت لعالم ريادة الأعمال؟
بعد أن أنهيت ماجستير إدارة الأعمال في 2018، عدت للعيش في بغداد. في ذلك الوقت، كنت أعاني في طلب الطعام. حيث كنت اضطر إلى الاتصال بالمطعم، والبحث عن قائمة الطعام الخاصة بهم ومن ثم اعطاء الاتجاهات إلى مكاني. وكان على عامل التوصيل الاتصال بي لعدة مرات حتى يصل إلى العنوان الصحيح.
آنذاك لم يكن هناك سوى شركتين لتوصيل الطعام في بغداد ولم يكن لدى أي منهما أسطول من السائقين الخاصين بها، لذلك كانت المطاعم تقوم بتوصيل الطعام، مما أدى إلى استمرار نفس المشكلة. مدينة مثل بغداد تحتاج لخدمة أفضل من هذه. لذا دفعتني حاجة السوق وشغفي للعمل الى إنشاء شركة عالسريع. أصبحنا في نهاية المطاف أول شركة توصيل طعام في العراق بأسطولها الخاص. بدأنا بتطوير تقنيتنا مع مراعاة سوق بغداد ونقاط التفتيش والأمن وأنواع المطاعم وسلوك العملاء. ليست مطاعم العراق كنظيراتها في أي مكان آخر، فهي ليست سلاسل، وإنما مؤسسات فردية، مما يجعل عملية التكيف مع النظام أكثر صعوبة. أطلقنا تطبيقنا في آب 2018، وما زلنا نتقدم منذ ذلك الحين. كنا فريقاً من ثلاثة أشخاص نجلس في مكتب بغداد، وكبرنا ليصبح لدينا 120 موظفاً و750 سائقاً.
كيف كانت عملية إنشاء فريق متخصص يقود نمو هذه الشركة؟
عندما أنشأنا عالسريع سعينا لمنح 80٪ على الأقل من موظفينا الفرصة لبدء حياتهم المهنية معنا. كنا نبحث عن مواهب جديدة ومجتهدة ومتفانية. نحن فخورون للغاية بخلق فرص عمل لشريحة الشباب. بالإضافة إلى ذلك، فقد جئت من خلفية تجارية، وكنت مهندساً مدنياً أعمل في خدمات البناء والمجالات المماثلة. عندما قفزت إلى مشهد ريادة الأعمال ومجال التوصيل الى الوجهة الاخيرة كنت بحاجة إلى الخبرة لأحيط نفسي بما سيقود هذه الشركة إلى الأمام. وبعد عملية طويلة وجدت المدير الفني رَدهي أوجها في دبي، والتي بدأت بتطوير التطبيق وفقاً لمتطلباتنا. ثم عدت إلى بغداد ووجدت مدير العمليات أحمد صبحي، الذي كان مصدر دعم كبير لنا منذ ذلك الحين. كان لديه تطبيق صغير خاص به لتوصيل الطعام في بغداد والذي اشتراه عالسريع في نهاية المطاف لتجنب تضارب المصالح وليتمكن من ضم أحمد وبعض موظفيه إلى عالسريع. أعطانا هذا القدرة للبدء مع عدة مطاعم وامتلاك بعض الخبرة في كيفية تطوير التطبيق لخدمة السوق العراقية.
كيف كانت عملية النمو والتوسع لتطبيق عالسريع؟
كانت عملية النمو أبطأ مما توقعته في البداية. كان علينا أن نتحرك من خلال المواقف والتحديات غير العادية مع تقدمنا. عندما بدأنا عالسريع كنت أدير العديد من الشركات الأخرى واضطرني ذلك لأن اكون مديراً تنفيذياً بدوام جزئي فقط. ولكن بعد ذلك دخل بعض اللاعبين إلى السوق بدعم من العديد من المستثمرين والكثير من التمويل، لذلك احتجنا إلى التحرك بشكل أسرع للحفاظ على حصتنا من السوق. ما ميزنا عن غيرنا هو عملياتنا الجيدة والإدارة المباشرة. لذلك واصلنا التوسع حتى أيلول 2019، عندما بدأت المظاهرات وانقطع الإنترنت. كان من الصعب على العديد من الشركات التي تعتمد على الاتصال بالإنترنت أن تعمل، ولسوء الحظ اضطررنا أن نسرِح بعض سواقنا. بعد مرور تلك الفترة لم يكن الأمر سهلاً، فليس هناك زر تضغطه ليعيد الحال الى وضعه الطبيعي. كنا بحاجة إلى وقت للتعافي. ثم ضربت جائحة كوفيد-19 في آذار 2020. ازدهرت أعمال مماثلة في أماكن أخرى حول العالم خلال الوباء. لكن في العراق اتخذت السلطات قراراً غير منطقي بإغلاق جميع المطاعم وفرض حظر التجول، وبالتالي عانت شركات توصيل الطعام. لكننا تعافينا منذ ذلك الحين واستمرينا بالنمو بثبات من خلال العمليات الجيدة واقتصاديات الوحدة مع نهج يركز على العملاء.
ما هي المعوقات الرئيسية الأخرى للعمل في هذا القطاع؟
إدارة العمل التجاري هو تحد في حد ذاته. إنها عملية مستمرة من حل المشاكل. فإن العراق بلدٌ تصعب إدارة العمليات فيه، خاصة بالنسبة لشركات التوصيل. فعلى سبيل المثال دخلت أكثر من مليوني دراجة نارية إلى العراق منذ عام 2018، ويمكن الآن رؤيتها في كل مكان. لكن لم يكن الأمر كذلك عندما بدأنا العمل فقد كان العثور على سائقي دراجات نارية يرغبون في تلقي طلبات العملاء وتسليمها أمراً صعباً. علاوة على ذلك لم تكن المطاعم مستعدة لاستخدام تطبيقات توصيل الطعام والتعامل مع طرف ثالث فقد اعتادوا على توصيل الطلبات مع سائقيهم، واستغرق الأمر بعض الوقت للتكيف.
كان التحدي الآخر مع اللوائح النافذة في البلاد، فعملية تسجيل الدراجات النارية في العراق معقدة ومكلفة. وقد تكلف في بعض الأحيان أكثر من الدراجة نفسها. السلبية الاخرى هي اعتماد اقتصادنا على النقد، بينما تعتمد الشركات المماثلة في المنطقة على معاملات بطاقات الدفع المباشر/الائتمان. بينما كان علينا تطوير عملياتنا حتى نتمكن من التعامل مع المعاملات النقدية وإدارتها. إلى جانب ذلك فإن تغطية الإنترنت في بعض المناطق ضعيفة للغاية حيث يحتاج سائقونا أحياناً إلى مزودي إنترنت إثنين أو حتى ثلاثة مختلفين ليتمكنوا من استلام الطلب. ومع ذلك تمكنا كشركة عراقية من العمل على الرغم من كل تلك التحديات المستمرة.
كيف تؤثر اللوائح على العمليات والخدمات اللوجستية للشركة؟
إن وجود لوائح مناسبة تتوافق مع متطلبات نماذج الأعمال الحديثة أمر ضروري لضمان سلاسة عمليات تلك الأعمال. يولد فقر التنسيق بين السلطات المختلفة والهيئات التنظيمية إرباكاً لا داعي له. كثيرا ما نواجه مشاكل في نقاط التفتيش حيث لا توجد قواعد واضحة حول كيفية تنظيم عمل دراجاتنا النارية. هذا يعني أنه رغم حملنا لكتاب رسمي للعمل صادرٌ من سلطة معينة، نبقى نواجه نقاط تفتيش تابعة لسلطة أخرى سترفض هذا الكتاب. لا توجد قواعد معيارية يلتزم بها الجميع، مما يخلق تحدياً إضافياً نحتاج إلى مواجهته يومياً.
بالإضافة إلى ذلك، نعلم أنه من الجيد أن تشرف على السوق جهة تنظيمية، ولكن لا ينبغي أن تكون الجهة التنظيمية منافساً. أعتقد أن المادة 25 من الدستور تمنع المنظمين من العمل كمنافسين. لأنه إذا حدث ذلك فيمكن للجهة التنظيمية، بدعم من التمويل العام، أن تحتكر السوق بسهولة. تتمثل المهمة الرئيسية للدولة في دعم القطاع الخاص ومساعدته على النمو لبناء اقتصاد قوي. على سبيل المثال، تمكنت شركة عالسريع من توظيف حوالي 750 سائقاً و 120 موظفاً بمبادرة من ثُلةٍ قليلة من الأشخاص الذين أسسوا الشركة. تخيل لو أن الحكومة تشجع وتدعم هذه الأنواع من الشركات وتسمح لها بالعمل في سوق حرة، وكيف يمكن لهذا أن يقلل بشكل كبير من البطالة ويعزز نمو اقتصادنا.
لقد شهدنا عواصف رملية متكررة هذا الموسم، كيف أثر هذا على عملك؟
تزداد الطلبات خلال العواصف الرملية حيث لا يرغب الكثير من الناس بالخروج من المنزل. مسؤوليتنا هي إدارة السائقين لدينا للسماح لهم بالعمل في نوبات أقصر حتى لا نعرض سلامتهم للخطر. ندخل في في هكذا اجواء قاسية وضع الطوارئ. في قسم إدارة السائقين وقسم العمليات، نتواصل باستمرار مع جميع سائقسنا لضمان سلامتهم. ومن ناحية أخرى لا يمكننا ايقاف عملياتنا لكثرة عملائنا واعتمادهم علينا. الطقس عامل مؤثر كبير في هذا القطاع. كما أن العمل في شهري تموز وآب صعب للغاية بسبب حرارة الطقس. لذلك نحتاج إلى تقليل ساعات العمل للسائقين لحمايتهم. وفي الأيام الممطرة أيضاً، نقوم بتقليل مسافات القيادة ومحيط العمليات.
هل فكرت شركة عالسريع والشركات المماثلة العاملة في توصيل الطعام والتوصيل للوجهة الأخيرة في الاجتماع معاً والضغط لتخفيف من تحديات هذا السوق؟
إنه لأمر مهم حقاً. لدينا اتصال جيد مع العديد من منافسينا. نعتقد أن السوق يحتاج إلى جمعية لهذه الأنواع من الأعمال حتى نتمكن من الضغط للتأثير على اللوائح وأرى أن توجيه جهودنا من شأنه أن يحل العديد من المخاوف المشتركة. على سبيل المثال قد يحصل أن يسرق سائقٌ دراجة شركته وينتقل إلى شركة أخرى، ولو كان لدينا جمعية لاستطعنا معالجة هذه الحالة. ويصب وجود كيان تنظيمي مثل هذا في مصلحة سائقينا أيضاً، فإن واجهت أحد السواق مشكلة في العمل أو إن لم يدفع له رب عمله راتبه أو تعويضاً وافياً، فيمكنه الذهاب إلى الجمعية لمعالجة هذه المشكلات. إن السوق بحاجةٍ لهذا الكيان، ومن هنا أود أن أناشد جميع منافسينا وأصحاب المصلحة من خلال بزنس لاندسكيب للجلوس ومناقشة كيفية العمل والضغط معاً على المستوى الإداري.
كان السوق العراقي مختلفاً تماماً عندما بدأت في عام 2018، لكنه تطور الآن وبدأ يجذب لاعبين إقليميين ودوليين. كيف تقيم حالة المنافسة، وما الذي يجعلك متميزاً؟
المنافسة جيدة بشكل عام إذا كانت شريفة. عندما بدأنا في 2018 كانت هناك شركتان فقط في هذا السوق واستحوذنا على واحدة منهما. كانت المنافسة محلية ومحدودة، وكان السوق في مراحله الأولى نسبياً. ومع ذلك فقد نمت بشكل كبير مما جعل العديد من اللاعبين الكبار يدخلونها. أعتقد أن توصيل الطعام هو أحد الأسواق التنافسية في العراق حالياً، إن لم يكن أكثرها. نحن لا نهاب المنافسة، فهي تجعلنا نعمل بشكل أفضل ونهدف دوماً إلى تطوير عملياتنا وخدماتنا للحفاظ على رضا عملائنا. نتميز بأننا شركة عراقية بدأت في وقت مبكر بما يكفي لتخوض غمار تطورات السوق بكل تقلباتها، وتغلبت على تحدياتها. منحتنا هذه العملية الفرصة لأن نصبح أقوياء ومرنين اليوم، ليتسنى لنا الحصول على حصة كبيرة من السوق والتكيف مع تغيرات السوق المتقلبة.
ما هي الحوافز التي تقدمونها للسائقين للانضمام إلى عالسريع بدلاً من المنافسين الآخرين؟
لدينا في عالسريع أكاديمية السائقين ونظام التوظيف الذي طورناه على مر السنين. يزور حوالي 40 سائقاً مقر عالسريع يومياً. نجري مقابلات مع حوالي 20 منهم ممن يستوفون معاييرنا. ثم نصطفي منهم 10 ندخلهم في مرحلة التدريب، ويوظف عالسريع أفضل أربعة منهم. علاوة على ذلك، كشركة محلية، تسعى إدارتنا المباشرة جاهدة لفهم احتياجات ومتطلبات سائقينا، ونهدف إلى تزويدهم بأفضل ظروف العمل. لا نقتصر على التواصل معهم على اوقات الدفع فقط، بل نتفقدهم يومياً. على سبيل المثال وبصفتنا إدارة فإننا نعرف أسماء معظم السائقين الأوائل لدينا، وبعضهم موجود منذ أن بدأنا العمل لأكثر من ثلاث سنوات. على الرغم من وجود بعض العقبات عند دخول المنافسين إلى السوق لأول مرة، إلا أن بعضها اجتذب سائقينا مباشرة. أما نحن فلم ولن نقدم على ذلك أبداً لأننا نثق بقدرتنا على تدريب سائقين جدد وإيجاد المواهب المناسبة لدمجها في عملياتنا. عدد السائقين في بغداد يتزايد بسرعة، وأعتقد أنه في غضون عام أو عامين من الآن لن تكون مسألة السائقين عقبة أمام النمو، كما كانت قبل عام. وتعود بنا هذه النقطة إلى فكرة الجمعية. فلو وجدت جمعية لتمكنا من معالجة مسألة جذب موظفي الشركات الأخرى وتنظيمها جيداً لضمان المنافسة العادلة.
ما هي مسؤولية شركات القطاع الخاص لتطوير القوى العاملة العراقية؟
أعتقد أن هناك ثلاثة عوامل لبقاء أي موظف في الشركة. أولاً، الشعور بأنهم ينتمون إلى الشركة وأنهم يساهمون في نموها. ثانياً، يجب أن تتاح لهم الفرصة للتطور والتعلم. ثالثاً، الحصول على تعويض جيد. بهذا الترتيب بالتحديد. قدمنا دورات تدريبية لموظفينا لأننا نريد الاستثمار فيهم، ولأن هذا مهم لأداء الموظفين، وبالتالي الشركة.
على سبيل المثال، قدمنا دورة تدريبية في اللغة الإنجليزية مع الجامعة الأمريكية في بغداد. حدث هذا عندما دعيت إلى حفل افتتاح الجامعة، والتقيت بالعميد وعرضت عليه ذلك. من بعد ان قام بذلك عالسريع، بدأت الشركات الكبرى الأخرى في فعل الشيء نفسه. لقد كان لهذه الدورات تأثير إيجابي على موظفينا، وكانوا سعداء للغاية لتعلم شيء جديد. وسننتهز أي فرصةٍ مماثلة لتطوير مهارات موظفينا. في المستقبل، سنحاول التعاون مع أصحاب المصلحة الآخرين لتقديم دورات إدارة أو تسويق لموظفينا.
كيف كانت رحلة عالسريع لزيادة الاستثمار؟
لقد جمعنا أكثر من 6 ملايين دولار (بما في ذلك استثماراتي الأولية) حيث لم يتم الإعلان عن بعض جولات الاستثمار علناً. في البداية كنت المؤسس والمستثمر الوحيد في عالسريع فقد استثمرت فيه ما جنيته من أعمالي الأخرى. خلال الوباء في عام 2020، اضطرِرنا إلى إغلاق أبوابنا لحوالي 44 يوماً، كنت في ألمانيا وقتها، وتلقيت مكالمة غير متوقعة. كانت المكالمة من محمد الخضيري، مستثمر مخاطر في قطاع التكنولوجيا في العراق. أخبرني أنه كان يتابع عالسريع خلال الأشهر القليلة الماضية وكان مهتماً بالاستثمار فيه. بعد ثلاثة أسابيع، وقعنا اتفاقية المساهمين واتفاقية شراء الأسهم. لم أكن حينها قد بدأت في زيادة الاستثمارات لأنني اعتقدت أننا ما زلنا في مرحلة مبكرة، لكن الامور مضت نحو الأفضل. كانت هذه الجولة الأولى من التمويل المبدئي لنا من ستة أرقام.
كانت هذه الجولة في غاية الاهميةٌ بالنسبة لشركتنا، ليس بسبب حجم الاستثمار الذي تلقيناه فحسب، ولكننا انتقلنا إلى مرحلة أخرى من العمل حيث كان علينا أن نخوض المناقشات الأساسية حول مجلس الإدارة واتفاقية المساهمين وكيف سيتقدم العمل نحو النجاح. تختلف إدارة الأعمال بمفردك كثيراً حيث يمكنك اتخاذ جميع القرارات بمفردك وإنفاق أموالك الخاصة. ولكن بمجرد مشاركة المستثمرين تصبح عملية صنع القرار أكثر تنظيماً ويتحتم عليك أن تخطط بعناية لكيفية إنفاق هذه الأموال. لذلك كان من المهم بناء الهيكل الصحيح والحوكمة السديدة لشركة عالسريع، ونحن سعداء لأننا مررنا بتلك المرحلة لأننا تمكنا من بعدها من جذب المزيد من المستثمرين، مما سمح لنا بالنمو أكثر فأكثر.
ليس جذب الاستثمارات هو التحدي الحقيقي، انما يكمن التحدي في الاستحواذ الجزئي أو الكامل. هذا أمر شاق للغاية بالنسبة للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في السوق العراقية. نطمح إلى أن نشهد تحول مشهد الشركات الناشئة من زيادة الاستثمار إلى قصة خروج ناجحة.
هل فكر عالسريع في ان يتم الاستحواذ عليه من قبل؟
هذا يعتمد على العرض والشركة التي تخطط للاستحواذ على جزء من عالسريع. لن أقبل أبداً أن تستحوذ شركة عملاقة على عالسريع لمجرد إغلاقها، كما حدث في الأسواق الأخرى. لكننا منفتحون على المناقشات إذا كانت ستضيف المزيد من القيمة إلى عالسريع. في النهاية هي شركة، وبصفتي مديراً تنفيذياً سأبذل قصارى جهدي لجميع أصحاب المصلحة. الكثير من موظفينا مساهمون أيضاً. ومع ذلك أعتقد أن السوق لا يزال غير ناضج بما فيه الكفاية، ليس من حيث الشركات واللاعبين في السوق، ولكن من حيث السوق نفسه واللوائح وعدم الاستقرار.
ما التالي في قائمة طموحات عالسريع؟
نطمح للنمو أكثر. لقد أضفنا بالفعل العديد من الشركات الأخرى في عالسريع، فنحن نوفر خدمة توصيل الطعام ومنصة توصيل للوجهة الأخيرة، كما أطلقنا خدمة البقالة الالكترونية منذ ستة أشهر. في الوقت الحالي لدينا خمسة متاجر في بغداد تقدم جميع مستلزمات البقالة لعملائنا. نهدف إلى زيادة عدد هذه المتاجر في المستقبل حتى نتمكن من ضمان حصول كل عميل على بقالة في غضون 15 إلى 20 دقيقة.
نحن نخطط أيضاً لعمل مطبخ سحابي، فإننا نرى أنها الخطوة التالية لأي خدمة توصيل طعام. وهذا يتطلب تنفيذ اللوائح المحدثة، والتي نعمل عليها مع السلطات.
حالياً نقدم خدماتنا لتوصيل الطعام في بغداد والبصرة، ونعمل على أن نكون جاهزين للعمل في جميع محافظات العراق التي يتجاوز عدد سكانها المليون نسمة. في الوقت ذاته تعمل منصة التوصيل للوجهة الأخيرة (الزاجل) بالفعل في جميع المحافظات.
السوق حافل بالإمكانيات الهائلة وكل ما تحتاجه هو أن تستثمر في المكان المناسب في الوقت المناسب لاغتنام تلك الفرص.
هل تعتقد أن سوق العراق كبيرة بما يكفي لرسم خطط التوسع هذه؟ أو ربما يمكن التوسع حتى خارج حدود العراق؟
نعم، بالطبع، هذا ممكن. لكننا نعتقد أن السوق العراقية ما زالت غير مشبعة. نسبة ما يتم طلبه عبر الانترنت تشكل 20٪ فقط من جميع طلبات الطعام، ويتم مشاركتها من قبل جميع اللاعبين في السوق. في حين أن الـ80٪ الأخرى من طلبات الطعام تجري خارج الإنترنت عبر مكالمات هاتفية مباشرة. نعتقد أنه لا يزال هناك كعكة كبيرة يمكن للجميع أن يأخذ نصيبه منها. هذا أحد الأسباب التي تجعلنا سعداء بوجود منافسين في السوق، لأنهم يساعدون في تعزيز تحول سلوك العملاء. خطتنا حالياً هي تركيز جهودنا على السوق العراقية على مدى العامين المقبلين قبل أن نتوسع خارج حدودها.