خارطة الطريق لاستثمار مليون دولار في الشركات العراقية الناشئة

حيدر السامرائي، شريك استثمار أقدم

قُدامة جلال، محلل استثمار 

مركز أعمال كابيتا

كانت بيئة اعمال الشركات الناشئة قبل إنشاء شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية في أمَسِّ الحاجة إلى أموال الاستثمار. كانت المنظمات غير الحكومية وبرامج التنمية الدولية هي الداعم الرئيس لبيئة الأعمال العراقية، والتي ركزت على التمويل القائم على المنح مع بناء القدرات على أساسيات تطوير الأعمال للشركات الناشئة ورواد الأعمال. لقد حددت كابيتا هذه الفجوة الحرجة وقررت إنشاء شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية في نهاية عام 2020، مما مهد الطريق أمام رواد الأعمال العراقيين للوصول إلى صناديق الاستثمار.

لقد حددت كابيتا الحاجة الملحة لتأسيس كيان استثماري لجمع المستثمرين المحليين والإقليميين والدوليين المهتمين بالسوق العراقية وتزويد الشركات الناشئة المحلية بالمهارات المطلوبة لتكون جاهزة للاستثمار. بالإضافة إلى ذلك، فإن مشهد ريادة الأعمال العراقي يشكو من فجوة واسعة بين جولات ما قبل التمويل المبدئي وجولات التمويل المبدئي وجولات الاستثمار الأخرى، حيث يوجد نقص في الميَّسرين لدعم الشركات الناشئة في تلك المراحل. وهكذا، وُلِدَت شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية في أيلول 2020 كأول شبكة مستثمرين مخاطرين في العراق، لتشكل جسراً بين رواد الأعمال والمستثمرين العراقيين من جهة والشركات الناشئة وصناديق الاستثمار من جهة أخرى. 

تمكنت شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية من تجاوز عتبة المليون دولار أمريكي من الاستثمارات في أقل من عامين على الرغم من تحديات بيئة الأعمال حديثة النشوء. وقد تحقق ذلك من خلال بناء قواعد وإجراءات وشروط شبكة المستثمرين على مستوى عالمي، وتشكيل مجموعة من الشركات الناشئة التي أظهرت إمكانات النمو واستطاعت أن ترضي شهية المستثمرين. قدمت شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية لهذه الشركات الناشئة دعماً احترافياً للاستعداد للاستثمار بالإضافة إلى المشورة القانونية طوال عملية الاستثمار. ما كان ذلك ممكناً لولا مساعدة داعمنا الأكبر، الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، والدعم الفني من مجموعة البنك الدولي. 

تابعت الشبكة فور انشائها العروض التقديمية على مدى أحد عشر يوماً طرحت خلالها أكثر من 24 شركة ناشئة أفكارها، وتمكنت الشركات السبع الواعدة من كسب اهتمام المستثمرين والحصول على استثمارات ضخمة. بالإضافة إلى ذلك، سهلت شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية العملية وربطت المستثمرين والشركات الناشئة معاً، ولعبت دوراً مهماً في المناقشات بعد العروض التقديمية. غالباً ما شاركت الشبكة أيضاً في المفاوضات بين الطرفين بناءً على طلبهما ووفقاً لاحتياجاتهما من الدعم الفني والقانوني. تم تنفيذ ذلك لتهيئة بيئة استثمارية مستقرة للمستثمرين المخاطرين والشركات الناشئة وبيئة الأعمال في العراق.

كان لكابيتا دوراً أساسياً في تشجيع المستثمرين المخاطرين على الاستثمار في الشركات الناشئة العراقية من خلال الاستثمار المشترك في بعضها لتقليل عامل المخاطرة على المستثمرين وزيادة ثقتهم في الشركات العراقية الناشئة والمؤسسين على حد سواء. بالإضافة إلى ذلك، أعطت الوكالة الألمانية للتعاون الدولي لهذه المشاريع مِنحاً بنفس مبلغ الاستثمار الذي حصلت عليه في مسعاها الحثيث لدعم مشهد ريادة الأعمال العراقي. كل هذه الظروف المواتية للشركات الناشئة، إلى جانب وصولها إلى مراحلها الاستثمارية، جعلتها أكثر جدارة بالثقة للاستثمار المستقبلي، مما أثمر عن جولات استثمار إضافية أدت إلى نموها ونجاحها.

التحديات

خلال رحلتنا لتحقيق هذا الإنجاز الاستثماري، واجهتنا العديد من التحديات التي كان علينا التغلب عليها، أبرزها كان حداثة مشهد الشركات الناشئة.


  1. جائحة كوفيد-19

أُسِسَت شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية في الربع الرابع من عام 2020، في ذلك الوقت، كان تأثير جائحة كوفيد-19 خطيراً على الأعمال التجارية وعلى الشركات الناشئة تحديداً. كما كان لها تداعيات على قرارات المستثمرين وسلوكهم. حوّل العديد من المستثمرين اهتماماتهم إلى الأعمال التجارية الإلكترونية والمنصات عبر الإنترنت نظراً لقدرتها على التكيف وارتفاع معدل إيراداتهم خلال الجائحة. 


  1. بيئة الأعمال المُنْفِرَة:

إن عملية تأسيس شركة في العراق مكلفة وغالباً ما تكون معقدة. أصبح تسجيل الشركات ضرورة يصعب تحقيقها لجميع الشركات الناشئة بسبب عدد الالتزامات التي لا تراعي الأنواع الحديثة من الشركات ونماذج الأعمال، خاصة تلك العاملة في مجال التكنولوجيا. وبالتالي يتعامل مسجل الشركات مع الشركات الناشئة على نحو مشابه للمؤسسات الأكبر والأكثر رسوخاً. إذا لم تكن شركة رائد الأعمال مسجلة قانونياً، فلن يتمكن من ابرام اتفاقية رسمية مع مستثمر لأنه من المتوقع أن يكون الالتزام المالي للشركة الناشئة أو ربحها أو خسارتها من مسؤولية الشركة الناشئة نفسها وليس المؤسس. 


  1. قابلية التوسع المحدودة للشركات الناشئة:

على الرغم من عدد التطبيقات أو استكشاف الشركات المؤهلة للانضمام إلى الشبكة، فإن التحدي الرئيسي المستمر هو العثور على شركة لديها رؤية قابلة للتوسع وتعمل لفترة طويلة من الوقت بحيث تستطيع جذب اهتمام المستثمرين. غالباً ما يقفز رواد الأعمال إلى تنفيذ أفكارهم من دون النظر للأبعد أو التخطيط لكيفية تشغيل وتوسيع نطاق أعمالهم، وهو ما يعادل التخطيط للفشل.


  1. الجهل بالأمور المالية: 

تمتلك معظم الشركات الناشئة فرقاً صغيرة جداً، أعضاؤها قليلون ويقومون بمهام مختلفة متجاهلين الدور الأساسي للمحاسبة ومسك الدفاتر. بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من المؤسسين لديهم افتراض خاطئ بأنهم يعرفون ما يكفي عن أعمالهم ولا يحتاجون إلى توظيف محاسب محترف أو أداء مسك الدفاتر المناسب.

نتيجة لذلك، تفتقر هذه الشركات الناشئة إلى التوثيق الدقيق والبيانات المالية لتقديمها للمستثمرين، وبالتالي تفوت فرص الحصول على الاستثمار.


  1. التحول الرقمي المقيد:

يعد التحول من المتاجر الفعلية ونماذج الأعمال التقليدية، مثل البيع بالتجزئة، إلى الأعمال التي تعتمد على التكنولوجيا أمراً صعباً لأسباب عديدة، منها انتشار الإنترنت والهاتف المحمول والوعي التكنولوجي بين العملاء. ويمثل دمج الدفع الرقمي عاملاً آخراً يبطئ من سير عجلة الانتقال إلى الأعمال التي تدعم التكنولوجيا. تحاول معظم الشركات الناشئة توفير خيارات دفع رقمية. ومع ذلك، أدى عدم ثقة المواطنين في الدفع الرقمي وهيمنة الثقافة القائمة على النقد إلى خلق سلوك للعملاء يفضل الدفع نقداً عند التسليم. خلق هذا مشكلة جديدة، خاصة للشركات المؤتمتة بالكامل التي تفتقر إلى رأس المال.


  1. تفضيلات المستثمرين:

تتجه شهية المستثمرين نحو الأعمال التي تدعم التكنولوجيا. كما أنهم يركزون على الشركات الناشئة في مرحلة ما بعد الإيرادات، مما يحد من مجموعة الشركات الناشئة، لا سيما بالنظر إلى مرحلة النمو الحالية لبيئة الأعمال العراقية ومشهد ريادة الأعمال. علاوة على ذلك، يستثمر المستثمرون عادة في رواد الأعمال لا في الشركات وحدها. يتفحصون المؤسسين بعناية لأنهم يعتبرونهم شركاء محتملين، مما يعني أنه يجب على المؤسسين استيفاء صفات متعددة، كالموثوقية والتفاني وأخلاقيات العمل والشغف والتصميم، والعديد من الخصال الأخرى.


النقاط المستخلصة من طاولة المفاوضات:

  1. أبرمت الشبكة صفقات مبكرة مع الشركات الناشئة التي عالجت تحدياً حقيقياً في سوق أو صناعة وقدمت حلاً عملياً لهذا التحدي. بغض النظر عما إذا كانت تلك الشركات الناشئة لديها أفكار تجارية أو نماذج أعمال تماثل وتحاكي أفكار ونماذج أخرى موجودة في السوق. 

  2. توفير نموذج التشغيل المناسب وحل العيوب في نموذج تشغيل المنافسين ميزة تنافسية ستجذب – على المدى الطويل – اهتمام المستثمرين وتؤدي إلى جولة جمع تمويل ناجحة. 

  3. ليس لتلقي التمويل في المراحل الأولى للشركة الناشئة ثقلاً كبيراً عند قياس نجاع العمل التجاري ونجاحه. لكنه يُعَدُ دليلاً على أن الشركة تسير على المسار الصحيح أو تتمتع بميزة تنافسية.

  4. غالباً ما يكون التقييم المبني على أساس أماني ورغبات واحتياجات الشركة الناشئة منفراً للمستثمرين. لأنهم يبحثون عن الشركات الناشئة التي يمكنها استخدام التمويل وفقاً لاستراتيجية وخطة عمل مناسبة من أجل المضي قدماً وتوسيع نطاق أعمالهم لجولات الاستثمار المستقبلية والحصول على تقييم أعلى، بدلاً من أولئك الذين يتطلعون إلى الحصول على معدل حرق مرتفع بدون خطة عمل سليمة.

  5. إن عدم تلقي الأموال أو الفوائد من المستثمرين لا يعني بالضرورة أن الشركة لا تسير على المسار الصحيح. غالباً ما يتعين على الشركات الناشئة أن تقدم عروضاً تقديميةً أمام العديد من المستثمرين والكيانات لعدة مرات لتحصل على التمويل. تنشأ المشكلة أحياناً لأن الشركات الناشئة لا تقدم عرضاً للمستثمرين في ذات مجالهم. 


توصياتٌ

  •  لمستثمري شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية: 

يجب أن يحاول المستثمرون دائماً أن يشرحوا للشركات الناشئة سبب عدم رغبتهم بالاستثمار في أعمالهم التجارية، سواء كان السبب أن مجال عمل الشركة ليس في دائرة اهتمام المستثمرين، أو لوجود مشكلة في مرحلة نمو الشركة أو في عملياتها أو فكرة العمل التجاري أو استراتيجية الإدارة أو بسبب كل ما ذُكِرَ أو بعضه. يساعد هذا رواد الأعمال على معالجة أوجه القصور لديهم في أيام العرض التقديمي المستقبلية.

علاوة على ذلك، من الأفضل أن يتصل المستثمرون المهتمون بالشركات الناشئة بعد يوم العرض التقديمي لمناقشة اهتمامهم بالعمل التجاري. يمكن للمستثمرين أيضاً تحديد الخطوات الأساسية ومؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) للأعمال. إذا تم استيفاء مؤشرات الأداء الرئيسية هذه في غضون إطار زمني معين، فقد يبدؤون المفاوضات لجولة جمع التمويل للمشروع التجاري. 


  • للمستثمرين من خارج شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية:

للمستثمرين المهتمين بالسوق العراقية. توفر لك شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية الفرصة لمعرفة المزيد عن بيئة الاعمال للشركات الناشئة العراقية. سيسهل ذلك استثمارك في العراق، ويمنحك مقعداً أمامياً في أيام العرض التقديمي، ويمكنك من التناقش مع رواد الأعمال حول أعمالهم، وتحصل أيضاً على رؤى وأفكار من فريق الشبكة. إن السوق العراقية واعدة بإمكانيات غير مستغلة.


  • لرواد الأعمال:

  • إن امتلاك فكرة عمل تجاري فريدة ونموذج عمل مربح لا يكفي لجذب المستثمرين. يحتاج رواد الأعمال إلى أن يكونوا أكثر وعياً بأن المستثمرين يبحثون عن شركاء المستقبل ويريدون رؤية إمكانات الاستثمار فيهم.

  • من الضروري استخدام نظام محاسبة سليم أو توظيف محاسب محترف منذ الأيام الأولى للعمل. يعد مسك الدفاتر السليم أمراً ضرورياً لإظهار البيانات المالية وقوة جذب العملاء.

  • قبل يوم العرض التقديمي، يجب أن يعرف رواد الأعمال من هم المستثمرين وما هو مجال اهتمامهم وما هي محفظتهم الاستثمارية. يجب أن يكون لدى رواد الأعمال فكرة عن هذه التفاصيل الدقيقة، والتي يمكن أن تكون مصدر قوة لهم لفهم ما يجب استهدافه لجذب المستثمرين المناسبين. 

  • رتب منصة عرضك التقديمي بالشكل المناسب والواضح وتَحَضَرْ للعرض التقديمي. لتعكس ثقتك كمؤسس وكفاءة عملك.


More Arabic Articles

استثمر في كوردستان: نظرة عامة على القطاعات ذات الأولوية

إقليم كوردستان العراق هو إقليمٌ يتمتع بالحكم الذاتي يقع في الجزء الشمالي من العراق، وله موقع استراتيجي مهمٌ عند التقاء أوروبا وآسيا... read more

تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إقليم كوردستان: نظرة عامة على المهارات الرقمية والقطاعات وفرص الاستثمار

يقع إقليم كوردستان في شمال العراق ويضم أربع محافظات هي دهوك، والسليمانية، وحلبجة، وأربيل، والأخيرة هي عاصمته. تمتد هذه المحافظات مجتمعة على... read more

تحول التعليم الجامعي في كوردستان العراق: اجتياز العقبات وتبني التغيير الإيجابي

واجه التعليم في إقليم كوردستان العراق العديد من التحديات في الماضي، لكنه أيضاً شهد تحولاً مطرداً في السنوات الأخيرة. لقد أدرك الإقليم... read more

أدوار جامعية رائدة: الجامعة الأمريكية في السليمانية تقود المشاركة الجامعية في تطور ريادة الأعمال في العراق

في عصر التقدم التكنولوجي السريع والتواصل العالمي، عادة ما يتردد على أسماعنا مصطلح "ريادة الأعمال" في قاعات التجارة والأعمال، هذه الكلمة الرنّانة،... read more

تشكيل الغد: إعداد الشباب العراقي لسوق العمل

"الأمة التي لا تفكر بالشباب هي أُمةٌ تخطط للانتحار." لا شك بأن الشباب هم قادة المستقبل، وإنَّ عدم إشراكهم واحترام دورهم في... read more

مجموعة جيهان: نسج تراث من الابتكار في مُختَلَف القطاعات

تُعدُّ مجموعة جيهان من شركات التصنيع الرائدة في إقليم كوردستان العراق، وقد نَمَت على مدى العقود المنصرمة منذ بداياتها الأولى في صناعة... read more

Posted in on Sunday, 26th February, 2023