مقابلة لمجلة مشهد الأعمال العراقي


أحمد الموسوي
المؤسس والمدير التنفيذي لشركة سندباد

السيد أحمد الموسوي هو مؤسس ورئيس مجلس إدارة سندباد، المنصة الرائدة لحجوزات السفر العراقية التي تهدف إلى جعل تجربة السفر سهلة وميسورة. بدأ السيد الموسوي مسيرته المهنية في سن الحادية عشرة وعمل في مجالات متعددة في صناعة إنتاج الوسائط المتعددة بشغف كبير للتصميم الجرافيكي. أسس أول شركة له في العراق وكالة سن لاند الإعلامية (Sunland Media Agency) في عام 2016 كما أسس وكالة ديكولاكس للوسائط المتعددة (DEGOLAX Multimedia Agency) في البصرة عام 2019 ثم أنتقلَ إلى مجال السياحة والسفر يقودُهُ شغفهُ لحل المشاكل.

يشاركنا السيد الموسوي في هذه المقابلة رحلته في إنشاء سندباد ودافعه للابتكار وخطط التوسع المستقبلية لسندباد ويناقش قطاع السياحة والسفر العراقي والتحديات وفرص النمو المحتملة وأحدث الاتجاهات والوجهات السياحية الأشهر بين العراقيين كما يُشدد على أهمية ثقافة السياحة ودورها في الاقتصاد الرقمي للبلاد.


هلّا أخبرتنا عن نفسك بإيجاز؟

بدأت رحلتي في سن مبكرة حين دخلت عالم التصميم الجرافيكي في سن الحادية عشرة إذْ أنني أنتمي إلى عائلة مهتمة بالفن والأدب وفي سن الثالثة عشرة وبمساعدة مدير المدرسة بدأت وظيفتي الأولى في الإنتاج الإعلامي والتي تمحورت حول تصميم وطباعة شعارات العلامات التجارية، وبسبب قلة خبرتي آنذاك اعتمدت على مصادر خارجية للمساعدة بعد ذلك. ومع نمو معرفتي تفتح أمامي عالم التصوير والإنتاج وأسست نشاطاً تجارياً لإنتاج الوسائط المتعددة، عملت فيه على نطاق واسع مع قنوات وعلى إعلانات متعددة لعملاء دوليين خارج العراق ثم في عام 2016 عدت إلى بلدي الأم تدفعني الرغبة في المساهمة و تطوير مشهد الأعمال للبلاد، مركزاً على الإعلان في العراق. دفعني العمل على تغيير وتحسين تصميم شعار وكالة السفر الخاصة بنا إلى البدء في تعلم واجهة المستخدم (UI) وتجربة المستخدم (UX).

حدث التحول الجذري في مسيرتي المهنية في عام 2018 عندما دخلت إلى العالم البديع لريادة الأعمال والشركات الناشئة، وتعرفت على إدارة الأعمال والتمويل والتكنولوجيا التي تُبنى عليها هذه الشركات الناشئة وعلى مدار هذا الوقت كنت متحمساً لاكتشاف أشياء جديدة فلطالما استمتعت بحل المشاكل والخروج بأفكار تؤثر تأثيراً إيجابياً في حياة الناس. جلب لي تقديم هذه الخدمات رضاً أكبر مما كان يمكن أن يجلبه إنتاج الوسائط المتعددة على الإطلاق. فعلى الرغم من مواجهة العديد من التحديات والفشل العرضي قررت التخصص في قطاع النقل وشرعت بتشكيل فريقٍ وقابلت المستثمرين طوال هذه الرحلة وأجريت أبحاثاً في السوق حتى قادتني هذه الرحلة في نهاية المطاف إلى استكشاف الإمكانات الرائعة داخل صناعة السفر والتي توجت بخلق سندباد.


ما الذي حفزك على دخول مجال السفر في العراق؟

صناعة السفر في العراق مبنية على وجهات نظر شخصية وهذا يعني أن القرارات غالباً ما تُتخذ بناءً على آراء شخصية دون التعمق كثيراً في وجهات النظر البديلة أو أفكار أو مدخلات الآخرين. دفعتني المشاكل والتحديات التي واجهتها على مر السنين للعمل في هذا القطاع باحثاً عن حلول مناسبة فلطالما كانت المشاكل المرتبطة بالسفر والحجز موجودة وهي تتطلب حلولاً واضحة وبديهية، فعلى سبيل المثال كان غياب الدفع الإلكتروني في العراق حافزاً رئيسياً لنا للبدء في العمل على هذه القضية والبحث عن حلول مناسبة والتعلم من إخفاقات الآخرين. هكذا ولد تطبيق سندباد.

في بداية رحلة سندباد، انطلق ثلاثة منا متحمسين نحو عالم البرمجة في شهر أيلول عام 2020 وبعد أشهر قليلة، كاد تطبيقنا أن يكتمل لكنه لم يغطِ سوى نصف الرحلات المطلوبة في السوق حينذاك ورغم ذلك شرعنا بتسويقه وإطلاقه للجمهور إيماناً منا بأهمية الاستماع لآراء زبائننا وملاحظاتهم منذ المراحل الأولى للبناء.

عام 2021 وصل أول زبون لسندباد، ومعه بدأت مهمتنا الأسمى: تمكين المسافر العراقي عبر إحداث نقلة نوعية في تجربته السياحية، طامحين إلى جعل السفر أكثر سهولة وإتاحةً، وتلبية الشغف المتزايد باكتشاف وجهات فريدة.


ما هو سندباد وما القيمة المميزة التي يُقدمها للعملاء؟

صمم تطبيق سندباد لحل مشكلة حجز الرحلات الجوية في العراق فهو يمنح مستخدمينا الذين يتجاوز عددهم المليون حرية اختيار الرحلات التي تلائم تطلعاتهم واحتياجاتهم بعيداً عن تأثيرات وتفضيلات وكلاء السفر. باختصار، يلغي التطبيق الحاجة إلى وسيط، كما يُعد سندباد التطبيق الوحيد عالمياً الذي يتيح الحجز الإلكتروني لرحلات الخطوط الجوية العراقية التي تشكل نصف سوق حجز الرحلات عبر الإنترنت في العراق.

نحن نوفر خدمة عملاء على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع باللغة العربية واللهجة العراقية العامية. ينبع تركيزنا على خدمة العملاء من إدراكنا لافتقاد قطاع السفر إلى تواصل فعال مع العملاء وكذلك أهمية منحهم تجربة سفر استثنائية في العراق. على عكس قطاعات أخرى، تكفي تجربة سيئة واحدة بخدمة العملاء لإبعاد العميل عنا إلى الأبد.

يوفر تطبيق سندباد خيارات متعددة للدفع الإلكتروني مقابل تذاكر الطيران، أما في الحالات التي لا تتوفر فيها طرق الدفع الإلكتروني، يحرص فريق خدمة العملاء لدينا على توفير خدمة استلام التذاكر.

نسعى جاهدين لتقديم تجربة مستخدم استثنائية. بدأً من واجهات سهلة الاستخدام إلى عمليات تنقل سلسة، صُمم كل جانب من منصتنا لتعزيز رضا المستخدم. نحن نعتبر أنفسنا بوابة نحو تجارب لا تُنسى.


كيف ساهمت التكنولوجيا في تطوير السندباد؟

نوظف خوارزميات بحث قوية لربط المسافرين بالوجهات التي يحلمون بالسفر إليها. تأخذ هذه الخوارزميات بعين الاعتبار عدة عوامل مثل التفضيلات والميزانية وتواريخ السفر والتوفر الفوري، مما يضمن تجربة بحث سلسة وفعالة.

علاوة على ذلك، صُممت واجهة تطبيقنا على الويب والهاتف المحمول لسهولة الاستخدام. حيث يمكن للمسافرين استعراض الوجهات ومقارنة الخيارات وحجز رحلاتهم ببضع نقرات فقط. بالإضافة إلى ذلك، نحن نستفيد من تعلم الآلة وتحليل البيانات الضخمة لتقديم توصيات سفر مخصصة لكل عميل.


ما هي الخطط المستقبلية لتطبيق سندباد؟

نخطط في سندباد لتوسيع خدماتنا تدريجياً، يعتمد تطوير التطبيق وتوسيع الخدمات بشكل أساسي على طلب السوق. لدينا حالياً خدمة حجز فنادق في مراحلها الأولى ومنتج سياحي بقيمته المبسطة بالإضافة إلى ذلك سنقدم خدمات التأشيرة والتأمين الصحي وسيتوسع منتجنا ليشمل أيضاً حجوزات الفنادق المحلية.

يبلغ حجم السوق حوالي 4 مليارات دولار في العراق مع 2 مليار دولار تُعزى إلى قطاع حجز تذاكر الطيران و1.5 مليار دولار إلى قطاع الفنادق والباقي لخدمات أخرى مثل حجز التأشيرة إلى دبي أو الأردن. في حين أن لبنان لا يتطلب تأشيرة، تتطلب كل من تركيا وأوروبا إجراء مقابلات ورسوم في السفارات، باختصار، هذه هي الوجهات الرئيسية لتطبيق سندباد. نهدف إلى تطوير سندباد إلى منصة شاملة لجميع شركات السياحة والسفر حيث يمكنهم إضافة خدماتهم الخاصة وليس خدمات سندباد فقط.

علاوة على ذلك فإن التوسع إلى دول الخليج على الأفق كما أننا ندرس خيارات مثل الأردن ومصر ولكل منها ديناميكيات سوق فريدة ومتطلبات خدمة مخصصة. نتصور رحلة توسع عبر الوطن العربي في السنوات القادمة.


مع توسع سندباد في قطاع الفنادق خارج العراق هل يمكننا أيضاً توقع توفر الفنادق العراقية على سندباد في المستقبل؟

يستهدف نموذج أعمال سندباد الحالي السياحة الخارجية وهي رحلات العراقيين خارج العراق ومع ذلك فإن سوق السياحة المحلية والضيافة في العراق ضخمة ومربحة للغاية، كان ربط السياح الأجانب بالفنادق العراقية من خططنا الأولية. ونحن نعمل على خدمة جديدة تمكن عملائنا من حجز الفنادق في العراق، نهدف إلى أن نكون المرجع لحجز الفنادق العراقية.


كيف تصف القطاع السياحي والسفر الحالي في العراق؟

تشهد صناعة السياحة والسفر في العراق حالياً فترة تحول مثيرة تتميز بالتحديات والعلامات الواعدة للتقدم.

كان للعقوبات المفروضة على الخطوط الجوية العراقية تأثيراً كبيراً ولكنه مؤقت على السوق وحدوده. ومع ذلك، فإن قطاع السياحة والسفر في العراق يشهد نمواً مطرداً إذ تشهد البلاد إنشاء مطارات جديدة مثل مطارات الموصل وكربلاء وكركوك وبالإضافة إلى ذلك دخلت شركات طيران جديدة مثل طيران السلام و(Wizz Air) وشركات طيران أجنبية أخرى إلى العراق. تعمل هذه الشركات وغيرها على فتح وجهات جديدة مباشرة من العراق إلى عمان والمملكة العربية السعودية وأوروبا.

حالياً، عند النظر إلى الصورة الشاملة لقطاع السياحة والسفر في العراق نلاحظ نمواً سريعاً ملحوظاً مقارنة بالفترة التي سبقت جائحة كورونا، يشمل هذا النمو بطبيعة الحال السياحة الداخلية والخارجية. وفتحت بطولة الخليج التي أقيمت في البصرة عام 2022 الأبواب أمام دول الخليج للقدوم إلى العراق بالإضافة إلى ذلك عزز تطوير خدمات البنية التحتية ودخول الشركات العالمية إلى السوق العراقية السياحة الداخلية.


ما هي التحديات التي تواجه قطاع السياحة والسفر في العراق؟ وكيف يمكن معالجتها؟

يقع قطاع السياحة في الغالب اسفل قائمة أولويات الأفراد بعد احتياجاتهم الأساسية اليومية التي تختلف باختلافهم، لذلك فإن أي اختلال في المجالات الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية يمكن أن يؤثر على عملية صنع القرار والرغبة في السفر كما أن التأشيرات واللغة والنظام الذي تحكمه الدولة والعديد من الجوانب الأخرى يمكن أن تؤثر أيضاً على قدرة الأفراد على السفر.

عند الحديث عن معالجة التحديات في العراق قد يكون من الصعب جداً على شركات السياحة والسفر حل مشكلات السياحة الوافدة، إذْ يتطلب ذلك بنية تحتية راسخة وقدرات على المستوى الحكومي، يمكن لأصحاب المصلحة وخاصة الشركات في هذا المجال أن يأخذوا زمام المبادرة بفعالية لتنظيم أفضل واستعادة مناطق الجذب السياحي ضمن حدودهم القانونية وتقديم خدمات حجز فنادق أفضل للمسافرين الأجانب باستخدام خدمات أو تطبيقات آلية عبر الإنترنت، إلّا أن هذه التحديات تتطلب تدخلاً حكومياً أكبر من تدخل القطاع الخاص.


كيف يُمكننا تَعزيز السياحة المَحلية وتَشجيع العراقيين على إستكشاف المَعالم الطبيعية والأثرية؟

يُبدي السياح العراقيون إهتماماً أكبر بالمناطق الطبيعية والجبلية مُقارنة بالمواقع التأريخية والأثرية، نَتيجةً لتأثر السياحة المحلية في العراق بالثقافةِ العراقية. تُعدُ منطقة كُوردستان وجهةً سياحية رئيسية للعديدِ من العراقيين على مدارِ العام، نَظراً لمناخها وطبيعتها الجغرافية. حَيثُ يُعد جبل كورك وجهةً جذابةً للعراقيين لمزجه بين أجواء الجبال والطقس الثلجي. وأعتقد أنه من الواجب علينا أيضاً تَوجيه اهتمامنا للمناطق الجنوبية وتَسليطُ الضوءِ على الإمكاناتِ الموجودة. تُعد المناظر الطبيعية والمُستنقعات والتُراث الثقافي وجهات مهمة يَجب الترويج لها وتطويرها لاستقطاب الاستثمارات.

بالإضافة لكون بلادنا غنية بالثقافةِ والتراثِ، ومهداً للعديد من الأديان والحضارات، فإن الحفاظ على هذه المعالم التاريخية المُهمة وتَحسين البنية التحتية والمرافق سَيجعلُ العراق وجهة جذابة للسياحة العالمية، مما سَيخلق بدورهِ فرصاً إقتصادية مهمة ويحسن حالة شاليهات بغداد وتَطوير الجزر السياحية، وجعلها في متناول الجميع وبأسعار معقولة.


ما هي أحدثُ اتجاهات قطاع السفر داخل العراق وخارجه؟

نَتلقى طلبات مُتزايدة حولَ حِلول السفر عَبرَ الهاتف، ونراجع المُحتوى الذي يُنشئهُ المُستخدمون والذي يُؤثر على اختيارات السفر، والتركيز على ممارسات السفر المُستدامة. تَتكيف سندباد بإستمرار مع هذه الاتجاهات من خِلال تَحسين تطبيق الهاتف الخاص بنا، وتَشجيع المُستخدمين على تقديم المُراجعات، واستكشاف الشراكات مع مقدمي خدمات السفر الصديقة للبيئة.

أما بالنسبةِ إلى إتجاهات وجهات السفر، على صعيد السياحة الداخلية، تُعد أربيل الوجهة الأولى للسياح العراقيين. أمّا بالنسبة للسياحة الدولية، تَحتلُ إيران المَرتبةُ الأولى للعراقيين بسبب السياحة الدينية والترفيهية، بالإضافة إلى الدخول المباشر دون عقبات جغرافية أو بيروقراطية. لا يَعكسُ عدد المسافرين الواقع تماماً لأن النقل البري يشكل جزءاً كبيراً من إجمالي السفر مقارنة بالنقل الجوي. وتَحتلُ تركيا المرتبة الثانية، حَيثُ تَتوفرُ فيها تَضاريس مُتنوعة من بحارٍ وجبالٍ ومناخ مُعتدل ومَناظر خلابة، وكل ذلك بأسعار معقولة. كما أنها وجهة مناسبة للأفراد والعائلات على حد سواء. وتُشكّل بيروت الوجهة الثالثة بسبب الدخول المباشر بدون تأشيرة، بينما تَحتلُ دبي ومصر المرتبة الرابعة. وشهدنا بروز عُمان أيضاً كوجهة سياحية شهيرة بعد أن أضافت شركة الطيران العُماني (سلام للطيران) رحلات مباشرة إلى العراق. كما بدأت المملكة العربية السعودية في دخول مشهد السياحة للعراقيين بأعداد مُتواضعة، مثلما فعلت قطر خلال بطولة كأس آسيا لكرة القدم. أمّا الوجهات الأخرى مثل الكويت والبحرين ليست شائعة حتى الآن وتجتذب نسبة صغيرة من السياح العراقيين.


هل تَعتقد أن من الضروري تَعزيز ثقافة السياحة والسفر بين العراقيين؟

أؤمن إيماناً راسخاً بضرورة تَعميم ثقافة السفر على نطاق واسع. لكون الكثير من الناس، وفي جميع أنحاء العالم، يعملون على مدار السنة ويخصصون وقتاً للإسترخاء والتَجديد من خلال السياحة. فضلاً عن راحة البال، نكتسب من السفر والسياحة خبرات جديدة وننغمس في ثقافاتٍ مُختلفة ومُتنوعة. حيث تأتي السياحة نفسها في أشكالٍ مُختلفة، من ضمنها السياحة الترفيهية والدينية والعلاجية والتعليمية.

إلّا أن ثقافة السياحة في العراق لا تنتشر بين العراقيين على نطاقٍ واسعٍ لسوءِ الحظ، حَيثُ يَتجنبها مُعظمهم لأسباب اقتصادية ونفسية، لكن يُمكن للتطورات التكنولوجية مثل تَطبيق سندباد أن تُساهمُ في نشرِ هذهِ الثقافة وفتح آفاق جديدة للعراقيين.


ما هي التَحديات التي واجهتموها في بناء وتَوسيع سندباد، وكيف تَغلبتم عليها؟

يُمكنُ تَقسيم التحديات التي واجهتها سندباد إلى عدة مجالات رئيسية، وهي اولاً بناء الفريق وتطوير المهارات المتخصصة، إن بناء فريق وتَطوير الخبرات اللازمة التي تَتناسب مع مُتطلبات عمل سندباد هو أكبر تحدٍ واجهناه وما زلنا نواجهه، حَيثُ يَتطلّب الأمر جَذب المواهب وتنمية مهاراتهم بما يتناسب مع رؤيتنا وأهدافنا.

التحدي الثاني هو جمع التمويل في العراق، وقد كان الحصول على الدعم المالي لسندباد في البدايةِ صعباً، وعندما كانت سندباد مُجرد مشروع، سارت عملية جمع التمويل بسلاسةٍ، وكان الإستثمار الذي حصلنا عليه عبارة عن دعم مُتواضع من المستثمرين المخاطرين. وقد ظهرت تعقيدات مع زيادة قيمة الإستثمار المطلوبة بسبب القوانين واللوائح وأساليب الحصول على الدعم وحجم الاستثمار.

التحدي الثالث هو تقلبات سعر صرف الدولار والتغييرات المُتكررة في اللوائح التي يفرضها البنك المركزي العراقي، وقد أثرَ ذلك سلباً على قطاعِ السياحة في العراق، إذْ يعلو كعب مَنصات السفر الأجنبية على حساب المَنصات العراقية، فمثلاً تتم الحجوزات من خلال بوابات الدفع الإلكتروني الأجنبية بسعر الصرف الرسمي البالغ 1320 ديناراً عراقياً للدولار، بينما من خلال سندباد بسعر 1540 ديناراً عراقياً للدولار. ونحن في سندباد نتحمل الفرق بين السعرين. إن ضمان تحول التجارة الداخلية في العراق إلى الدينار العراقي سيخفف من هذا التحدي بشكل كبير. فإن التحول إلى الدفع الإلكتروني بشكل عام سيؤثر إيجاباً على البلاد بغض النظر عن الآثار السلبية المؤقتة التي ستحل مع تحولنا الجماعي إلى الدفع الإلكتروني ومع إنخفاض الفجوة بين سعر السوق والسعر الرسمي، اما العراقيل الأخرى تَشمل ضعف البنية التحتية وانقطاع التيار الكهربائي المستمر.

تَتمثل التحديات الأكثر صعوبة بالنسبة لسندباد في بيعِ تذاكر الخطوط الجوية العراقية. نبيع من تطبيقنا تذاكر الخطوط الجوية العراقية للعملاء بشكلٍ غير مباشر. ولكن لكي نصبح وكلاء رسميين للخطوط الجوية العراقية والحصول على التذاكر بشكل قانوني ورسمي، يتعين علينا دفع مبلغ كبير من المال، يُمكن أن يَصل إلى مليون ونصف المليون دولار. ويوجد ما يقرب من 2000 شركة سياحة وسفر في بغداد وحدها. وتتوفر تذاكر الخطوط الجوية العراقية في المكتب الرئيسي ببغداد ومن خلال عدد محدود جداً من الشركات عبر نموذج أعمال بين الشركات. ويُمكن تحقيق الحلول من خلال أتمتة الإجراءات وتبسيطها وتطويرها تلقائياً، ومن خلال إشراك فعال للقطاع الخاص. إن زيادة مشاركة القطاع الخاص في حجز التذاكر مفيدة، حيث تُساهم في زيادة إيرادات شركات الطيران ونموها. وستعكس تجربتنا ذلك من خلال تَسهيل عملية البيع والشراء وتَقديم خدمات أفضل للعملاء العراقيين.

أؤمن بأن التحديات الخارجية هي مؤشرات على نقاط الضعف الداخلية، فإذا كان هناك نقص في الإستثمار أو الموارد البشرية المُتاحة، فعندئذٍ أنا، أحمد، بحاجة إلى تحديد نقاط الضعف التي تَقودني إلى هذا الاستنتاج. وأحتاج إلى تحديد ما يحتاج إلى التحسين والتطور بداخلي لحل هذه المشكلة. في سندباد، نركز دائماً على التزامنا بحل المشكلات بدلاً من لعب دور الضحية. ومن خلال هذا النهج، نحوّل التحديات إلى فرص للتعلم والسيطرة على الموقف. وهذا ما يُميز دورنا كفاعلين لا متفرجين.

في حين أن المتفرجين غالباً ما ينتقدون أداء اللاعبين، مثل مباراة كرة القدم ، يواجه اللاعبين أمثالنا خياراً: الشكوى أو اتخاذ إجراء. لقد تحولت من عقلية المتفرج إلى عقلية اللاعب الإستباقي، حيث أرى التحديات كمشكلات شخصية وليست مُجرد قضايا مَنهجية مُرتبطة بالإقتصاد العراقي أو مشهد الأعمال. ان إحتضان التحديات جعلني أركز على تحسين الذات بدلاً من إلقاء اللوم على عوامل أخرى. تعمل هذه التحديات كفرص للنمو، مما يؤثر بشكل إيجابي على رحلتنا في سندباد ويَتماشى مع إلتزامنا بتعزيز تجارب السفر في العراق.


كيف كانت رحلتك في جمع الاستثمار؟ ما التحديات التي واجهتها؟

تُبنى الشركات الناشئة على جولات إستثمارية عديدة في كثير من الأحيان، جمع التمويل كان من واجباتي كمؤسس سندباد للعمل. دُعمت المراحل الأولى مالياً من المستثمرين المخاطرين، وتواصلنا بعد ذلك مع العديد من المستثمرين العراقيين والأجانب من أجل جمع المزيد من رأس المال. أبدى أحد المستثمرين، خلال جلسة عرض تقديمي لتطبيق سندباد، اهتماماً كبيراً بالفكرة وقرر الاستثمار في سندباد. حتى اليوم، بلغ المبلغ الذي تم جمعه للمنصة حوالي 2.5 مليون دولار أمريكي، ونحن نسعى حالياً إلى تأمين جولة تمويل من الفئة الأولى بقيمة 2.5 مليون دولار أمريكي أخرى، والتي ستساعدنا على تطوير المنصة، ودخول أسواق جديدة، وتوسيع الخدمات، وتقليل تكاليف التشغيل.

عالمياً، يرتبط الاستثمار بطبيعته بالمخاطر المالية. في حين أن الاستثمار في الشركات الناشئة في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وكندا ينطوي على مخاطر، فكيف يمكن للمرء أن يفكر حتى في الإستثمار في العراق، حيث تتضاعف المخاطر؟ يَحتاج السوق العراقي إلى أن يكون أكثر نضجاً في التعامل مع أرقام الإستثمار الكبيرة.

نحن بحاجة إلى قصص نجاح حقيقية في مشهد الإستثمار رغم ذلك، وأثرت القصص الموجودة سلباً على مشهد الشركات الناشئة والإستثمار. بالطبع، هذا يخلق بيئة غير جاذبة للمستثمرين، اضافة لإفتقار العراق إلى بيئة أوضح وأكثر اتساقاً لتطوير العمالة، في حين يبحث المستثمرون عن الفرص الإقتصادية والعمالة الماهرة للإستثمار فيها. لتغيير هذه الحالة، نحن بحاجة إلى المزيد من قصص نجاح الشركات الناشئة لجذب المستثمرين.

إنها إحدى واجبات الشركات الناشئة بناء بيئة الاعمال هذه وتوسيعها أكثر وتعريف العالم أكثر بالسوق الذي تعمل فيه، يجب أن يؤدي هذا الدور رواد الأعمال أنفسهم بدلاً من إنتظار قيام الآخرين بذلك أو انتظار اتخاذ مؤسسات أخرى للمبادرة. وبناءً على ذلك، فإننا نستثمر أكبر أصولنا، وقتنا وجهدنا في شركاتنا الناشئة. وبالتالي، يجب علينا كشركات ناشئة أن نطلع المستثمرين والعالم على هذه السوق وأهميتها للإستثمار وإمكاناتها والمستقبل الذي نتصوره وكيف سنحوله إلى واقع.



كيف تُساهم سندباد في الإقتصاد الرقمي العراقي؟

أدخلت سندباد جانباً جديداً إلى قطاع السفر من خلال أتمتة عملية حجز الرحلات الجوية. يُساهم كل لاعب في الإقتصاد الرقمي العراقي في مجالات معينة وفقاً لتخصصه والخدمات التي يُقدمها، فمثلاً يُساعد وجود بوابة دفع إلكترونية ناجحة وفعالة سندباد على تَقديم خَدمات أفضل للمعاملات المالية والمدفوعات عبر الإنترنت. في الأيام الأولى لسندباد، كانت 10٪ فقط من معاملاتنا تتم عبر الإنترنت، ولكن مع تقدم الدفع الإلكتروني في العراق، أرتفعت هذه النسبة إلى 90٪. نحن من أكبر اللاعبين في بيئة الاعمال العراقية في الدفع الإلكتروني لمتوسط قيمة الطلبات. تجاوزت معاملاتنا عبر الإنترنت المليار دولار، وتزداد بنسبة 20٪ شهرياً.

وإضافة لكون تحويل التأشيرات العراقية إلى نظام إلكتروني يساعد سندباد على الوصول إلى قاعدة عملاء أكبر بسهولة. ومع ذلك، فإن الفائدة الملموسة الوحيدة بالنسبة لنا هي الدفع الإلكتروني. يجب أن تحظى الشركات مثل سندباد التي تَعمل عَبرَ الإنترنت وتُساهم بنشاطٍ في تطوير الإقتصاد الرقمي، بمعاملة خاصة من قبل المشرعين والمنظمين في قطاع السفر والسياحة.

تَختلفُ طبيعة تَشغيل منصاتنا عن المنشآت المادية في نواح كثيرة. قد لا تتوافق الإجراءات الإدارية القانونية والحكومية المُصممة للأعمال التجارية العادية مع عملياتنا وهياكلنا. نحن بحاجة إلى إجراءات إدارية قانونية وحكومية مناسبة تعكس الطرق الحديثة لإدارة الأعمال. معظم مُتطلبات وشروط التشغيل وهيكل الشركة التي قد تناسب الطرق الكلاسيكية لا علاقة لنا بها ويجب تسهيلها.


ما هي نصيحتك لرواد الأعمال الطموحين في العراق، خاصةً أولئك الذين يَتطلعون إلى دخول المَجال القائم على التكنولوجيا في قطاع السفر؟

نَصيحتي للرواد الطموحين، وخاصةً أولئك الذين يهدفون إلى الدخول في مجالات التكنولوجيا في سوق السفر، هي التركيز على تَحديد مشكلة محددة وحل يَحتاجه العالم. يَعتمدُ نجاح أي شركة ناشئة على قدرة رائد الأعمال على التفوق في إيجاد تحديات السوق وبناء حلول فعالة، الأمر الذي يَتطلّب منهم الصبر والتفاني. وقم ببناء التطبيق الذي تريد رؤيته بين الأفق، وكن صبوراً أثناء القيام بذلك. يَستغرقُ بناء مهنة ناجحة في أي قطاع عقداً من الزمن. وأوصي أيضاً بأن يتجنبوا الإستثمارات في المراحل الأولى من تأسيس شركاتهم الناشئة. تعكس هذه النصيحة الخبرة التي اكتسبناها في سندباد خلال رحلة بناء وتطوير المنصة.




Posted in on Sunday, 1st September, 2024