التكنولوجيا الطبية المتقدمة في العراق: النطاق والتحديات وآفاق جديدة


فريق البحوث في كابيتا

ملخص موجز


شَهدَ مجال التكنولوجيا الطبية أهمية مُتزايدة في مجال الرعاية الصحية على مدار العقد الماضي. وهو يشمل مجموعة من المنتجات والخدمات التي تهدفُ إلى تحسين حياة الناس من خلال التشخيص والوقاية والعلاج. يتطور هذا القطاع تطويراً ديناميكياً مع مجموعة من التقنيات، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد، والملفات الطبية الإلكترونية، والروبوتات. أن نظام الرعاية الصحية في العراق يُعاني من اتباع نهج قديمة تجاه العلاج بدلاً من الوقاية من الأمراض. كشف تأثير جائحة كورونا عن ضرورة الصحة الإلكترونية في العراق لإعادة تشكيل نظام الرعاية الصحية من خلال التقنيات المتقدمة التي من شأنها توفير خدمات طبية فعالة. في الآونة الأخيرة، كانت هناك جهود لتقديم تقنيات جديدة إلى الرعاية الصحية العراقية، ومع ذلك ظهرت تحديات معينة تهدد استدامة هذه التقنيات.


فوائد التكنولوجيا الطبية على نظام الرعاية الصحية


• وصول أسهل وأكثر دقة إلى سجلات المرضى

يَسمحُ تطوير السجلات الصحية الإلكترونية بسهولة وصول مقدمي الرعاية الصحية إلى معلومات المرضى، ممّا يساعد على تقليل الوقت الضائع في البحث عبر السجلات الورقية ويَسمحُ أيضا بسير عمل أكثر سلاسة بين الإدارات المختلفة.

• تحسين الوصول إلى الرعاية

أثرت التكلفة والمسافة والقيود البدنية على عمومية الرعاية الصحية، خاصةً بالنسبة للفئات السكانية المهمشمة. ومع ذلك، من خلال تطور التطبيب عن بعد، قُلصَ هذا التفاوت كثيراً حيث يمكن لمقدمي الرعاية الصحية علاج المرضى من على بعد أميال دون الحاجة إلى مكان مشترك.

• تقليل الأخطاء الطبية

تُشكّل الأخطاء الطبية مصدر قلق كبير للعامة، حيث تُعد الأخطاء الطبية ثالث سبب رئيسي للوفاة. وتُقلل هذه الأخطاء من خلال تقنية جديدة تعرف باسم نظام دعم القرار السريري، يمكن لهذا النظام تزويد أخصائيي الرعاية الصحية بالمعلومات ذات الصلة لمساعدتهم على اتخاذ قراراتهم في التشخيص والعلاج، وبالتالي تقليل الأخطاء الطبية.


تقنيات التكنولوجيا الطبية المختلفة

التعليم الطبي

يُواجه التعليم الطبي في العراق تحديات مُتعددة تتمثل في المناهج الدراسية القديمة وطرق التدريس القديمة والحاجة إلى وسائل ومراكز تدريب مناسبة. يؤدي نقص الخبرة السريرية إلى بيئة تعليمية صعبة يفشل فيها الطلاب في تطبيق المعرفة النظرية المكتسبة.

يُمكنُ تنفيذ إصلاح نظام التعليم بعدة طرق، مثل إعادة بناء المناهج الدراسية وفقاً للمعايير الدولية، لكن لا تكمن المشكلة في المناهج الدراسية وحدها، بل تشمل أيضاً طرق التدريس القديمة والتعلم الذي يركز على المعلم. يجب تشجيع التعلم النشط، ويحتاج المعلمون إلى فهم أدوارهم كميسرين يوجهون الطلاب. يمكن الاستفادة من التقنيات من خلال إدخال التدريس عبر الإنترنت، مثل تعليم الدورات الضخمة عبر الإنترنت، وجلسات التدريس التفاعلية مع الزملاء في الخارج. من جانب آخر، يُمكن استخدام التقنيات المتقدمة، مثل المحاكاة والتقنيات القابلة للارتداء، لمعالجة الجوانب السريرية للتعلم.

مع مرور الوقت، أرتفع عدد طلاب الطب العراقيين بينما شهدت المرافق تحسناً ضئيلاً. إضافة لكون المستشفيات قد وصلت إلى الحد الأقصى لاستيعاب التعليم العملي للطلاب في السنوات اللاحقة من كلية الطب. اتسع نطاق التكنولوجيا في التعليم الطبي اتساعاً كبيراً في السنوات الأخيرة. أما بالنسبة للعراق، فإن الوتيرة تسير ببطء إلى الأمام ولكن تكتسب زخماً بالتأكيد.


التطبيقات في التعليم الطبي

  • منصة التعلم الإلكتروني

طورت العديد من الجامعات منصات لتسهيل وصول الطلاب إلى الموارد وإجراء الاختبارات والتواصل مع المعلمين، والذي يجعل تجربة التعلم أكثر مرونة وإثارة للاهتمام. وتَهدف هذه المنصات إلى تقليل الاعتماد على وسائل التواصل الإجتماعي فيما يتعلق بمشاركة الموارد أو الأخبار.

  • الطباعة ثلاثية الأبعاد

هذه التقنية غير مستغلة بالكامل في التعليم الطبي، على الرغم من أنها يُمكن أن تحل مشكلة نقص النماذج التشريحية. ستسمح الطباعة ثلاثية الأبعاد بالتمثيل المرئي للهياكل المعقدة، وبالتالي المساعدة في الحفاظ على المعرفة.

  • التطبيقات الطبية

يُمكن أن تُساعد التطبيقات في توفير مواد يسهل الوصول إليها للطلاب. يُمكن لهذه التطبيقات تغطية مجموعة واسعة من الموضوعات، من العلوم الأساسية إلى الموضوعات السريرية. التطبيقات الموجودة عامة وليست مبنية على المناهج الدراسية الحالية. يُمكن لهذه التطبيقات أن تمتد إلى أبعد من ذلك لتوفير التطبيب عن بعد، ممّا يسمح للطلاب بالمشاركة في الاستشارات والخبرات السريرية الافتراضية.

  • السجلات الطبية الإلكترونية

ان الوصول إلى بيانات المرضى (بصورة مجهولة وبموافقة) يُمكن أن يَثبت أنه مصدر غني بالخبرة. يُمكن للطلاب استخدام السجلات لفهم إدارة المرضى والمسارات السريرية، يُمكن ايضاً استخدام هذه السجلات لإجراء الدراسات واكتساب فهم أعمق لمبادئ الصحة العامة.

  • الواقع الافتراضي والواقع المعزز 

يُمكن أن يُساعد استخدام هذه التقنيات في استيعاب العدد المتزايد من الطلاب من خلال السماح لهم بممارسة المهارات والإجراءات السريرية في بيئات مناسبة. كما ستساعد التجربة الغامرة على تصور الهياكل أو محاكاة تفاعلات الطبيب والمريض.


فوائد التكنولوجيا في التعليم الطبي

توفير الموارد بسهولة على منصات مخصصة، ممّا يَسمح للطلاب بالوصول إلى المواد التعليمية في أي وقت وفي أي مكان. يُمكّن الوصول إلى ملاحظات المحاضرات والكتب المدرسية والمحتوى المتعدد الوسائط وأسئلة الممارسة بشكل مناسب من خلال المنصات الإلكترونية، ممّا يضمن عملية تعلم سلسة وفعالة.

من خلال الاستفادة من العناصر المتعددة الوسائط، يُمكن للطلاب الانخراط بشكل ديناميكي مع المحتوى، مما يُحسّن استيعابهم للمفاهيم والهياكل التشريحية المعقدين. توفر التوضيحات المرئية مثل النماذج ثلاثية الأبعاد والرسوم المتحركة ومقاطع الفيديو بيئة تعليمية أكثر غامرة وتفاعلية، وتعزز الفهم العميق واحتفاظ المعرفة.

فضلاً عن إنها تُمكن من بيئة تعلم مرنة تتكيف مع أنماط وطرق التعلم المتنوعة. يمكن للطلاب التقدم بوتيرتهم الخاصة، وإعادة النظر في الموضوعات الصعبة، والوصول إلى موارد مخصصة تتناسب مع احتياجاتهم المحددة.

كما أن دمج التكنولوجيا في التعليم الطبي يجلب فعالية من حيث التكلفة والاستدامة، من خلال تقليل الاعتماد على الموارد المادية مثل الكتب المدرسية والبنية التحتية، يمكن استخدام البدائل الرقمية، والذي يؤدي إلى توفيرات كبيرة في التكاليف. إلا ان القدرة على تحديث وتحسين المحتوى التعليمي باستمرار دون قيود الموارد المادية يضمن استدامة التعليم الطبي المتطور.

تعمل كمحفز للابتكار والإلهام بين الطلاب. إنها تعرضهم على أحدث التطورات، واختراقات الأبحاث، وحالات دراسة واقعية، ممّا يُحفّز التفكير النقدي ويُعزز الإبداع. تربط فرص التعلم التعاوني التي توفرها التكنولوجيا الطلاب بالنظراء والخبراء والباحثين على مستوى العالم، مما يغذي فهماً أوسع للمجال الطبي ويثير أفكاراً ومقاربات جديدة

التحديات المستقبلية

الموارد والبنية التحتية المحدودة هي بعض التحديات التي تعيق استخدام هذه التقنيات. تتطلب تقنيات التعليم الطبي استثمارات للتطوير وتحسينات مستمرة، قد تشكل البنية التحتية (بشكل رئيسي الإنترنت) تحدياً كبيراً للاستفادة الكاملة من إمكانات هذه التقنيات.

يَتبع التعليم الطبي أسلوب التعليم التقليدي، ويتطلب دمج التقنيات استثمارات في تنمية مهارات أعضاء هيئة التدريس والموظفين. يتطلّب الوصول الأكبر إلى التكنولوجيا اهتماماً أكبر بخصوصية بيانات كل من المستخدمين والمرضى.

من الآمن القول أن جودة المحتوى محل ثقة لأن نظام التعليم الحالي صارم. ومع ذلك، فإن تطوير محتوى موحد يوافق عليه جميع الجامعات يمثل تحدياً كبيراً ويتطلّب تعاوناً وجهوداً كبيرين.

كما هو الحال مع كل تغيير تكنولوجي، سيقاوم البعض التغيير. إلا ان زيادة الوعي والتدريب على هذه التقنيات سيجعلها مقبولة لدى غالبية المستخدمين.



أنظمة الإدارة الإلكترونية والملفات الطبية الإلكترونية 

مع تزايد تعقيد الرعاية الصحية، أصبحت البطاقات الورقية للمرضى طريقة قديمة لحفظ سجلات المرضى، خاصةً عندما يكون هناك حمل كبير على المستشفيات يصل إلى 20,000 مريض شهرياً. نظراً لأن البطاقات الورقية تقتصر على موقع واحد في أي وقت معين، لا يُمكن مشاركتها بين أطباء متعددين في نفس الوقت، ممّا أثر سلباً على جودة وفعالية تقديم الرعاية الصحية. سيسمح تطوير السجلات الطبية الإلكترونية بمشاركة المعلومات بين الإدارات والمعاهد المختلفة، مما يؤدي الى تفاعل أكثر تكاملاً وتناغماً مع ضمان خصوصية المريض، والحد من الأخطاء الطبية، وتقليل الوقت الذي يقضى في كتابة وتفسير ملاحظات المرضى.

نما عدد الصيدليات في العراق بشكل ملحوظ في السنوات القليلة الماضية، حيث وصل إلى 22,120 صيدلية مسجلة. لذلك، يمكن لنظام إدارة صيدلية رقمي توحيد عملهم مع إخطار الأطباء أيضاً بالآثار الجانبية المحتملة وتسمم الأدوية الموصوفة. إضافة لكونه يسمح بإدارة أفضل وأكثر كفاءة للوقت لأنه يقلل من المهام اليدوية التي تستغرق وقتاً طويلاً ، مثل التحقق والاستفسار عن أوامر الطبيب. في المختبرات، سيدير هذا النظام الطلبات وفرز نتائج الاختبارات في السجلات الصحية الإلكترونية، ويمكن للنظام المالي والفوترة إصدار الفواتير وإنهاء التكاليف المقدمة للمرضى.

فوائد الأنظمة الإلكترونية

يَضمن تكامل أنظمة السجلات الطبية المتقدمة دقة عالية في إدارة البيانات حيث يمكن تخزين المعلومات واستردادها بسهولة، ممّا يُعزز الدقة ويقلل الأخطاء أثناء زيارات المرضى المتعددة. يَسمح استخدام تقنية التعرف على الصوت بإدخال البيانات بشكل أسرع، فيعزز الكفاءة ويسهل عملية التوثيق.

فضلا عن كونه يُتيح اعتماد التخزين السحابي سهولة الوصول إلى بيانات المرضى بغض النظر عن الزمان أو المكان. يضمن هذا الوصول حصول مقدمي الرعاية الصحية على المعلومات الضرورية في متناول أيديهم، ممّا يتيح اتخاذ قرارات سريعة ومستنيرة. إضافة الى تحسين ثراء البيانات، حيث يمكن للأنظمة تخزين تنسيقات مختلفة مثل مقاطع الفيديو والصور والتقارير السابقة، ممّا يُسهل توفير سجلات مرضى شاملة ومفصلة.

تُساهم هذه الأنظمة المتقدمة في الحد من الأخطاء الطبية من خلال استخدام نماذج ذكية يمكنها تنبيه مقدمي الرعاية الصحية بشأن التفاعلات الدوائية المحتملة أو تحديد اتجاهات في بيانات المرضى، وتعزيز سلامة المرضى وتحسين النتائج. ويضمن المستوى العالي من الأمان اقتصار الوصول إلى معلومات المرضى الحساسة على الأفراد المصرح لهم المشاركين في الرعاية الطبية المباشرة، وبالتالي يحمي خصوصية المرضى وسرية معلوماتهم.

يُعزز تكامل أنظمة السجلات الطبية الأداء العام للمؤسسات الصحية. يُتيح التكامل السلس بين الإدارات المختلفة، مثل الموظفين الإداريين والأطباء والمختبرات والصيدليات والموظفين الماليين، تنسيقًا وتواصلًا أفضل، ممّا يؤدي إلى تحسين سير العمل ورعاية المرضى والكفاءة التشغيلية.


تحديات التكنولوجيا

قد يكون إقناع مقدمي الخدمة أو أصحاب المصلحة بالانتقال من الأنظمة الورقية إلى الأنظمة الإلكترونية تحدياً. يمكن أن يعيق المقاومة للتغيير، والمخاوف بشأن أمن البيانات، والحاجة إلى التدريب والتكيّف، قبول وتنفيذ هذه الحلول البرمجية.

التكلفة عامل آخر، يُمكن أن يُشكّل عقبة أمام اعتماد أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية. الإستثمار الأولي المطلوب لشراء وتنفيذ البرنامج، بالإضافة إلى ترقيات الأجهزة والبنية التحتية المصاحبة، يُمكن أن يكون كبيراً. قد يُشكّل هذا العبء المالي أمراً رادعاً لبعض مقدمي الخدمة، خاصة أولئك الذين لديهم موارد محدودة.

قد تجد العيادات المزدحمة التي لديها موارد بشرية محدودة صعوبة في تخصيص الوقت والقوى العاملة لإدخال البيانات وتنفيذ النظام. يمكن أن يؤدي عبء العمل الإضافي المطلوب لإدخال وإدارة بيانات المرضى إلكترونياً إلى إرهاق الموارد التي هي أصلاً مجهدة، ممّا يؤدي إلى احتمال حدوث مقاومة أو تأخير في اعتماد هذه الأنظمة.

كما أن معرفة المستخدمين بالتكنولوجيا عامل مهم يؤثر على اعتماد أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية. قد يرى بعض أخصائيي الرعاية الصحية أن التكنولوجيا معقدة للغاية أو غير مألوفة، والذي يؤدي إلى التشكك أو التردد في استخدام البرنامج بشكل فعال. تعد البرامج التدريبية والبرامج المساعدة ضرورية لمساعدة المستخدمين على التغلب على هذه العقبات وتطوير المهارات والثقة اللازمتين لاستخدام التكنولوجيا.

بالإضافة الى ذلك، أدى محدودية الاستثمار في هذه التكنولوجيا إلى توسعها المحدود، حيث تتركز بشكل أساسي في المناطق الحضرية أو وسط المدن. يُؤدي هذا التفاوت في الوصول والإتاحة إلى عدم المساواة في تقديم الرعاية الصحية، خاصة بالنسبة للمقدمين في المناطق الريفية أو المناطق التي تُعاني من نقص في الخدمات، والذين قد يكون لديهم وصول محدود إلى أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية.

ومع ذلك، فإن الفوائد الجمة التي تقدمها أنظمة الإدارة الإلكترونية والملفات الطبية الإلكترونية لا يمكن إنكارها. مع التغلب على هذه التحديات، يُمكن أن تلعب هذه التقنيات دوراً محورياً في تعزيز جودة وكفاءة الرعاية الصحية في العراق.



التخطيط والطباعة ثلاثية الأبعاد 

الطباعةُ ثلاثيةُ الأبعاد هي تقنيةٌ تصنيعيةٌ تعتمدُ على الإضافةِ الطبقية لتحويلِ التصميمات ثلاثيةُ الأبعاد إلى معداتٍ ومنتجاتٍ طبيةٍ مخصصة. يُطُورُ نموذجٌ ثلاثيُ الأبعاد من خلال التصميم بمساعدة الحاسوب (CAD) بمساعدةِ ماسحٍ ضوئيٍ ثلاثي الأبعاد أو كاميرا رقمية أو برنامجِ تصميمٍ ثلاثي الأبعاد. يمكن لهذه التقنيةِ الجديدة أن تلعبَ دوراً محورياً في إنتاجِ غرساتِ الأسنان وأطراف العظام الصناعية والمساعدات السمعية وهندسة الأنسجة. يُتوقع أن يؤدي الارتفاعُ في عددِ تشوهات الأسنان والعظام إلى تعزيزِ نموِ سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد في المجال الصحي. ومع ذلك، يعيقُ هذا النمو ارتفاعُ تكلفةِ الطابعات ثلاثية الأبعاد والفهم القليل لقدرات الطباعة ثلاثية الأبعاد.

يمثلُ ظهور تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في الرعاية الصحية تقدماً مهماً في المجال الطبي. ففي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت المنظمات الإنسانية الدولية، مثلَ أطباءٌ بلا حدود، في استخدام هذه التقنية لعلاجِ الأطفال المصابينَ بالتشوهات الخُلقية وتشوهات الهيكل العظمي. ومع ذلك، بسبب التكلفة المرتفعة المرتبطة بالاستعانة بمصادر خارجية، كانَ استخدامُ هذه التقنية محدوداً من حيث النطاق والأعداد.

مع تزايد سهولة الوصول إلى الطباعة ثلاثية الأبعاد، وسّعَ المجتمعُ الطبي استخدامها في مجالاتٍ أُخرى، بما في ذلك طبُ الأسنان، أُستُخدِمت في تصويرِ وترتيبِ وإعادةِ بناءِ وطباعة نماذج لأسنان المرضى الذين يعانون من الأورام. ففي حين أنَ هذه النماذج المطبوعة المبكرة لم تكن متوافقةً مع الأنسجة، إلا أنها لعبت دوراً رئيسياً في تخطيط الإجراءات الجراحية وإنشاء بدائل للأنسجة.


تطبيقاتٌ على تكنولوجيا الطباعة ثلاثيةُ الأبعاد 

تُستخدمُ تقنيةُ الطباعة ثلاثيةُ الأبعاد على نطاقٍ واسعٍ في يومنا هذا في الرعايةِ الصحية لإنشاءِ نماذجَ وغرساتٍ وأدلةٍ جراحيةٍ خاصة بالمريض. أحدثت هذهِ التقنية ثورةً في المجالِ الطبي، حيثُ مكّنت الأطباءَ من تقديمِ رعايةٍ أكثرَ دقةً وشخصيةً لمرضاهم مع تقليل التكاليف وتحسينِ النتائج.

أغدقَ استخدامُ تقنيةِ الطباعة ثلاثية الأبعاد في الرعاية ِالصحية بالعديدِ مِنَ الفوائد لكلٍ من المرضى والممارسينَ الطبيين، والتي تشملُ ما يلي: تخفيضُ العبءِ المالي على المرضى وتقليلُ وقتِ العملية والتكاليف وتقليلُ المضاعفاتِ واستخدامِ المواردِ البشرية وزيادةُ الدقةِ في العملياتِ الجراحية التي تؤدي إلى نتائجَ أكثر قابليةً للتنبؤ.


منافعُ استخدامِ الطباعة ثُلاثية الأبعاد 

من أهمِ مزايا هذهِ التقنية هي القدرة على محاكاة العملية، مما يتيحُ للمهنيينَ الطبيينَ تخطيطَ وتصور الإجراء مسبقاً. وهذا لا يزيدُ فقط من دقة العملية ولكن أيضاً يعززُ رضا المرضى، حيثُ يُمكنهم رؤيةُ النتيجة المخططُ لها قبلَ الخضوعِ للإجراء.

بالإضافةِ الى أنَ استخدامَ تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في الرعايةِ الصحية يُلغي الحاجةَ إلى الاستعانة بمصادرٍ خارجية لعملية الطباعة، مما يقللُ التكاليفَ ويحسنُ الكفاءة. يمكن للممارسينَ الطبيين الآن طباعةُ نماذجَ وغرساتٍ وأدلةٍ جراحية خاصة بالمريض داخلَ المنشأة، مما يسمحُ بتبني نهجٍ أكثرَ انسيابية وتكلفة فعالة لرعاية المرضى.


تحدياتُ الطباعة ثلاثية الأبعاد في الرعاية الصحية

  •  قصورُ البنيةِ التحتية:


على المستوى المؤسسي، يُعدُّ افتقارُ المُنشآتِ إلى البنيةِ التحتية الداعمة للتكنولوجيا تحدياً جليلاً. يتطلبُ من مُؤسسات الرعاية الصحيةِ توفيرَ المُعدات والبرمجيات والدعم الفني اللازمين لدمجِ تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بفعالية في أعمالها. بالإضافة إلى أنَ نقصُ المواردِ البشرية المُدَرَّبة رسمياً على استخدامِ هذهِ التقنية وتطبيقاتها في المجالات الطبية الأخرى والدعم الفني لحل المشكلات، تحدياً كبيراً.

  • ندرةُ فرصِ الاستثمار:


تُشكِّلُ قِلةُ الاستثماراتِ الحكومية، إلى جانب قلةِ اهتمامِ القطاع الخاص، تحدياً أيضاً أمامَ الاعتمادِ الواسعِ النطاق على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في الرعاية الصحية. فلربما يُعيقُ هذا النقصُ في الدعمِ المالي البحثَ والتطويرَ للتقنيات والمعدات الجديدة اللازمة لدعم دمج تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في الرعاية الصحية.




  •  قلةُ الوعي الاجتماعي:


لا تزالُ تقنيةُ الطباعة ثلاثية الأبعاد مفهوماً غريباً على مقدمي الرعاية الصحية والمرضى على حد سواء. يرجعُ ذلك أساساً إلى قلة الوعي والتعليم وفهم دورِ هذه التقنية. يُعدُّ توعيةُ من تصُبُ تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد مصلحتهِ صحياً وتسليطِ الضوءِ على فوائدها من حيث الدقة العالية ووقتِ التشغيل القصير وتوفير التكلفة، أمراً ضرورياً.



  • غيابُ الدعمِ الحكومي:


يعيقُ نقصُ الدعمِ من مطوري التقنية، بسببِ غيابِ العقودِ الرسمية عبر الحكومة، دمجَ تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في الرعايةِ الصحية. مما يخلقُ صعوبةً على مقدمي الرعاية الصحية للوصولِ إلى أحدثِ التقنيات والمعدات اللازمة لدعمِ دمجِ تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في الرعاية الصحية.



الخصوبة والتقنيات الإنجابية المساعدة

تشهد معدلات الخصوبة في العراق انخفاضاً مستمراً منذ عقودٍ خلت، حيثُ تراجعت من 6.6 طفلاً للمرأةِ الواحدة عام 1980 إلى 3.4 عام 2022 ولا شكَ أن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها العراق قد أثرت جلياً في سلوكياتِ الإنجاب ونتيجةً لذلك، يبرزُ تقدمٌ ملحوظٌ في مجالِ علاجاتِ العقمِ والتقنيات الانجابية المساعدة.

وتنتشرُ في العراق مراكزٌ عدة تخوضُ في هذا المجال، وتحدِثُ تقدماً في أنماطٍ مختلفة من العلاج، تشملُ التلقيحَ الاصطناعي، والإخصابُ الأنبوبي (حقنُ الحيوانات المنوية داخلَ الرحم)، ونقلُ الأجنة وحقنُ الحيواناتِ المنوية داخل السيتوبلازم.

غير أنَ محدوديةَ الموارد، بما في ذلك القيودُ المالية ونقصُ الكوادر الطبية المدربة، فرضت تحدياً أمامَ تطويرِ تقنيات الإنجاب المساعد في العراق. إذ يواجهُ العديد من الأزواج الراغبينَ في الاستفادة من خدماتِ هذه التقنيات ارتفاعُ تكاليفِ العلاج، وهو ما يمثلُ عقبةً كبيرةً تحُدُ من قدرتهم على النفاذ إلى هذه الخيارات الإنجابية.

وعلى الرغمِ من التحديات، فإن الطلبَ المتزايد على خدمات تقنيات الإنجاب المساعد يُمثلُ فرصةً عظيمةً. ولذلكَ، فقد شهدنا زيادةً ملحوظةً في عددِ مراكز الإنجاب المساعد بالعراق. إلا أنَ معدلاتُ نجاحِ هذه العلاجات في البلاد ظلت متذبذبةً، مما يعكسُ قيودَ التقنية ونقصُ الموارد. ولا يزالُ عدم التوازن بين الطلبِ على خدمات تقنيات الإنجاب المساعد والمعروضُ منها في السوق العراقية يشكل تحدياً أمامَ العديدِ من الأزواج الراغبينَ في الخضوعِِ لهذا العلاج.


تطبيقات على تقنية الأخصاب المساعدة: 

  • الإخصابُ خارجَ الرحم 

إجراءٌ يستلزم استخراجَ البويضةِ من المبيضين، ثمّ تُخصّبُ بالنّطف في مختبرٍ، ثمّ تُنقلُ الأجنةُ بعد ذلك إلى الرّحم لغرسها.


  • حقنُ الحيوانات المنوية داخلَ السّيتوبلازم 


حقنُ الحيوانات المنوية داخلَ السّيتوبلازم هو شكلٌ مُتخصّصٌ من الإخصاب خارجَ الرحم، يُحقنُ حيوانٌ منويٌّ واحدٌ مُباشرةً في بويضةٍ، ويمكنُ استخدامُه للتغلّب على عقم الذكور أو حالاتٍ أخرى قد تؤثرُ على جودة ِأو حركة الحيوانات المنوية.

  • ادخالُ النُّطف داخلَ الرَّحْم 


يتضمّن إِدخالُ النُّطف داخل الرَّحْم وضعَ النُّطف المُعدّة خصيصاً داخلَ رحم المرأة مباشرةً أثناء الإِباضة، ممّا يُمكن أن يزيدَ من فرص الإخصاب.

  • نقلُ الأجنة المجمدة 


يتضمّن نقلُ الأجنة المجمدة نقلَ الأجنة المجمدة سابقاً التي تمّ الحصول عليها من خلالِ الإخصاب الخارجي في دورةٍ سابقة. وهذا يسمحُ بحفظِ الأجنة وتخزينها للاستخدام المستقبلي.

  • التشخيصُ الوراثي قبل الغرس

 

هي تقنيةٌ لفحصِ الأجنة للكشفِ عن التشوهات الجينية أو الصبغية قبل غرسها في الرّحم.

  • التجميدُ الحَيوي


هي عمليّةُ تجميدِ وتخزينِ المواد البيولوجية، مثل البويضات (البيض) والسائل المنوي (الحيوانات المنوية) والأجنة، في درجاتِ حرارةٍ منخفضة جداً من أجلِ الحفاظِ على قابليتها للبقاءِ على قيدِ الحياة للاستخدام المستقبلي، مما يوفرُ المرونةَ والخيارات للأفراد والأزواج الذين يسعون إلى علاج العقم. 


فوائدُ التقنيات الانجابية المساعدة 


باستخدامِ هذهِ التقنيات، يُمكِنُ للأزواج الذينَ يواجهونَ تشوهاتٍ جينية أو صبغية الخضوع للتشخيص الوراثي قبل الغرس (PGD) لفحص الأجنة واختيار تلك الخالية من الأمراض أو الاضطرابات الوراثية. وهذا يمكّن الأزواج من اتخاذ قراراتٍ صائبة بشأن الأجنة التي ستُنقل، مما يقلل من خطر نقل الأمراض الجينية إلى ذريتهم. ونتيجةً لذلك، توفر هذه التقنيات حلاً جذّابًا للعائلات التي لديها تاريخٌ من الأمراض الوراثية، مما يمنحهم الفرصة لإنجاب أطفال أصحاء والحدّ من تأثير الاضطرابات الوراثية.

أضافةً لكونِ هذه التقنيات تلعبُ دوراً مهمًا في الحفاظِ على الخصوبة، حيثُ تسمحُ للأفرادِ بالحفاظِ على قُدرتِهم الإنجابية للاستخدام المستقبلي. يوفرُ تجميدُ البويضات والحيوانات المنوية والأجنة وسائلاً لحمايةِ خصوبة الأفراد، خاصةً في الحالات التي قد تؤثر فيها العلاجات الطبية، مثل العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، على الخصوبة وهذا له آثارٌ مهمةٌ على مرضى السرطان والأفراد الذين يعانون من حالاتٍ طبيةٍ معينةٍ والذينَ يرغبونَ في تأخيرِ الإنجاب لأسبابٍ شخصية أو مهنية.

من وجهةِ نظرٍ تجارية، يُشكّلُ الاستخدامُ المتزايد لهذه التقنيات لأغراضٍ تتجاوز علاج العقم فرصاً وتحدياتٍ جديدةً لعيادات العقم والمُتخصصينَ في الطب الإنجابي وغيرهم من أصحاب المصلحة في هذا المجال. ويشمل ذلك الحاجة إلى خبرةٍ مُتخصّصةٍ في التشخيص الوراثي قبل الغرس (PGD) وتقنيات التجميد الحيوي وتقنيات المساعدة على الإنجاب المتقدمة الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الطلب على هذه الخدمات إلى الابتكار والاستثمار في تطوير تقنيات وخدمات ونماذج أعمال جديدة لتلبية الاحتياجات المتطورة للمرضى والعملاء.


تحديات تواجه اعتماد التقنيات الانجابية المساعدة

يواجهُ هذا المجالُ تحدياتٍ تتمثلُ في حاجتهِ إلى معداتٍ متطورة وأفرادٍ متخصصين، إلا أنَ الوصولَ إلى مثلِ هذه الموارد محدودٌ في العراق. إنَ التطورَ السريع لهذه التقنيات يستلزمُ استثماراً مستمراً في أحدث المعدات، والتي قد لا تكونُ متوفرةً بسهولة في جميعِ مناطقِ البلاد. أضافةً لنقصٍ في الأفراد المدربينَ والخبراء في هذه التقنيات، مما يعيقُ بشكلٍ أكبر اعتمادها على نطاقٍ واسع. ويمكن أن يؤثرَ هذا القصور في الموارد بشكلٍ غير متناسبٍ على الأزواج المحتاجين، خاصةً أولئك الذينَ يقيمونَ خارجَ المدن الرئيسية حيثُ تتركزُ هذه المراكز. مما يحدُ من قدرتهم على الوصولِ إلى هذه التقنيات.

يمكنُ أن تكونَ تكلفة علاجات هذه التقنيات باهظة، مما يمثلُ تحدياً مالياً كبيراً للعديدِ من الأزواج. إن المواردَ والبنية التحتية المحدودة في العراق يمكن أن تؤدي إلى ارتفاعِ تكلفة استخدام هذه التقنيات، مما يجعلها غيرَ ممكنةٍ مادياً للأزواج ذوي الإمكانيات المالية المحدودة. ويمكنُ أن تؤدي التكلفة المرتفعة إلى تفاقُم مشكلة إمكانية الوصول إليها، مما يحد من الخيارات المتاحة للأزواج الذين يسعون إلى علاجات العقم.

قوبل استخدام التقنيات الانجابية المساعدة بردودِ فعلٍ ثقافيةً ودينيةً شكّلَ تحدياً لقبولها وتبنيها في العراق. وعلى الرغم من أن استخدام هذه التقنيات واجه في البداية مقاومة شديدة، إلا أن التعليمَ ونشرَ الوعي ساهما تدريجياً في قبولِ هذه التقنية. ومع ذلك، تستمرُ الاعتباراتُ الثقافية والدينية في التأثير على استخدامِ هذه التقنيات، وقد يضطرُ رواد الأعمال في مجال الرعاية الصحية إلى مراعاة هذه الحساسيات الثقافية والدينية عندَ تطوير وتنفيذ حلول هذه التقنيات.





Posted in on Sunday, 1st September, 2024