تفعيل القانون الرقمي: تحقيق الرؤية للحكومة الرقمية في العراق


انس مرشد

مؤسس، المرشد لتطوير الاعمال والعلاقات العامة


في عالم مليء بالنظام والترتيب، برز عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر منارةً للفهم العميق لهيكلة المجتمعات الحديثة، مسلطاً الضوء على مفهوم البيروقراطية، الذي كان حتى ذلك الحين مجرد مصطلح فرنسي يعتريه الغموض. إلَّا أن فيبر جعله محوراً للنقاشات الأكاديمية والإدارية على حد سواء. فلم ينظر فيبر إلى البيروقراطية على أنها مجرد آلية إدارية معقدة وبطيئة كما يشاع، بل كان يراها نظاماً عقلانياً يضمن تطبيق القانون تطبيقاً موحداً وعادلاً، ويعدها الصورة الأمثل لتنظيم الدولة الحديثة. يرتكز هذا النظام على مبادئ الكفاءة والمساواة، إذ يجري اختيار الموظفين بناءً على مهاراتهم وقدراتهم وإمكانية التزامهم بلوائح وقوانين صارمة تطبق على الجميع من دون استثناء. ووفقاً لفلسفة فيبر، فإن تولي أية وظيفة حكومية لن يتطلب كفاءة عالية فحسب، بل يستدعي درجات عظيمة من الإخلاص والتفاني واعتبار العمل الحكومي مصدراً للفخر والاحترام. ومن خلال نظرته الثاقبة، يشير فيبر إلى أن الوظيفة الحكومية عملةٌ بوجهين، فهي من جهة مصحوبة دوماً بمسؤوليات تثقل الكاهل، إلّا أنها تجازي شاغلها بمكافآت ومميزات عديدة مثل الهيبة والاستقرار المالي، خصوصاً في ظل الاقتصاد المزدهر.

إن تصورات فيبر عن البيروقراطية تفتح الأبواب لفهم كيف يمكن للنظم الإدارية أن تشكل لا الدولة فحسب، بل المجتمع الذي تخدمه كذلك، وتقدم بذلك رؤية شاملة تتجاوز النقد السطحي لتعقيدات الإدارة الحكومية. 


الجذور التاريخية للبيروقراطية في العراق 

لم يكن العراق في العهد الملكي يعرف الوظيفة الحكومية، فقد كانت محصورة بعدد قليل من الموظفين حتى تحول البلد إلى النظام الاشتراكي الذي تحكم بالاقتصاد تحكماً تاماً ليجعل الوظيفة الحكومية هي السائدة. أدى هذا التحول في السياسة إلى توظيف أغلب العراقيين في دوائر الدولة. استمر هذا النهج حتى فُرِضَ الحصار على البلد ليُصدَمَ هذا الكم الهائل من الموظفين بسوء الأحوال في تسعينيات القرن المنصرم، حتى مهدت هذه الاوضاع لظهور الفساد، فأصبح بعض الموظفين يستخدمون سلطتهم ليَُعَقِدوا الإجراءات على المواطن. استمر هذا الحال إلى ما بعد عام ٢٠٠٣، العام الذي غدى من بعده الموظف الحكومي الابن المدلل للحكومة العراقية التي صارت تغدق عليه بالرواتب العالية وقطع الأراضي والامتيازات، لتعود الوظيفة الحكومية مرغوبة مرة أخرى. وهذا ما دفع رواد السياسة الحديثة إلى استخدام هذه الوظائف كأدوات لحملاتهم الانتخابية ومكاسبهم السياسية ليتضخم عدد الوظائف الحكومية وتزداد نسبة الموظفين العموميين في العراق لتشكل نحو 37% من مجموع اليد العاملة في البلاد. وضع هذا الترهل الحكومة في حرج، لأن مؤسساتها القليلة العدد نسبياً لا تحتاج إلى هذا العدد المهول، فصارت تبتكر سبلاً لجعل هؤلاء الموظفين ذوي إنتاجية داخل مؤسساتها. لتغدو الوظيفة التي من الممكن أن توكل مهاما لموظف واحد تمر اليوم على خمسة موظفين، مما يجعل سير المعاملة الحكومية شديد البطيء، فلا تستغرب إن معاملة يجب أن تستغرق منطقياً خمسة دقائق فقط قد تطول لتصبح خمس ساعات بسبب سلسلة المراجع التي يجب أن تمر عليها هذه المعاملة. وساهمت هذه الفوضى في تفشي الفساد الذي وصفته مندوبة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جنين هينيس بلاسخارت، بأنه ظاهرةٌ سببها أن الطبقة السياسية والحاكمة في بغداد فشلت حتى الآن في وضع المصلحة الوطنية فوق أي شيء آخر. وجاءت هذه التصريحات من المسؤولة الأممية أمام مجلس الأمن الدولي في اجتماعها الدوري لمناقشة وضع العراق. حيث شددت بلاسخارت على أن الفساد سمة أساسية في الاقتصاد السياسي في العراق، وهو جزء من المعاملات اليومية، وهذه ليست وجهة نظري الشخصية، بل إن هذه حقيقةٌ مقرٌ بها. كما تحدثت المندوبة عن قطاع حكومي وصفته بالمتضخم وغير الفعال، وإنه يخدم الساسة لا الناس، وقالت إن المصالح الحزبية والخاصة تبعد الموارد عن الاستثمارات المهمة للتنمية الوطنية.

يصنف العراق ضمن الدول الأكثر فساداً في العالم، إذ احتل المرتبة 157 عالمياً من بين 180 دولة ضمن مؤشر مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية في العام 2021. رغم أن المنظمة لم تحدد أرقاماً دقيقة لحجم الفساد في البلاد، إلّا أنه من الجَلّيِ أنها تعاني من آفة فسادٍ متفشيةٍ في جميع مفاصلها.

وهنا ترتسم في أذهاننا صورة ماكس فيبر وهو يقف بحيرة من أمره أمام هذه المؤشرات والأرقام. وهو يعلم أن كل شيء تنظمه الحكومة اليوم، مثل دفع الضرائب، وتجديد جواز السفر، أو حتى تقديم شكوى، يمكن إنجازه بنقرة زر على الإنترنت من دون الحاجة للوقوف في طوابير طويلة، أو التعامل مع موظفين قد يكونون مشغولين أو غير متعاونين. هذا هو بالضبط ما تقدمه الحكومة الإلكترونية، فباستخدام الإنترنت والتكنولوجيا، تصبح الخدمات الحكومية أسرع وأسهل وأكثر شفافية. لن يسهل هذا حياتنا فحسب، بل سيكافح الفساد والبيروقراطية أيضاً. ففي ظل هذا النظام ستكون الشفافية في أعلى مستوياتها، حيث كل شيء مسجل ومتاح للجميع على الإنترنت وبدون أي مجال للتلاعب أو الأعذار، مما سينتج عمليةً نزيهةً خالية من الفساد نستغني فيها عن تلال من الأوراق والملفات، التي يسهل ضياعها أو تزويرها، فكل شيء يتم رقمياً ويصعب التلاعب به. أضف إلى ذلك أن الأنظمة الإلكترونية أسرع وأكفء وتعمل على مدار الساعة، ويمكنها إنجاز مهامها في لحظاتٍ دون انتظار الموافقات التي قد تستغرق أسابيعاً أو حتى أشهر.

ببساطة، فإن الحكومة الإلكترونية تجعل كل شيءٍ أوضح وأسرع وأكثر عدالة، وبذلك فهي وسيلة فعالة لمكافحة الفساد والتخلص من البيروقراطية المرهقة. وهنا نطرح سؤالاً تتحتم الإجابة عليه، وهو هل العراق قادرٌ على امتلاك حكومة إلكترونية؟ ولماذا لم يُشرَع أيّ قانون لتفعيل هذا الحل المهم؟

وكي نكون منصفين في تقييمنا، هناك محاولات نشهدها اليوم تقودها الحكومة العراقية نحو التحول الرقمي، مثل تقليل مدة عملية إصدار الجواز الإلكتروني إلى دقائق معدودة، بالإضافة إلى توجه الحكومة إلى اعتماد وسائل الدفع الالكتروني في محطات الوقود وفي بعض الدوائر الحكومية. حركت هذه المبادرات فضول الناس تجاه إمكانية امتلاك العراق نظاماً للحكومة الإلكترونية يسهل جميع أعمالهم، وهو مسعىً يقتضي فهم مشروع الحكومة الإلكترونية في العراق.

في حزيران 2004، عرضت الأمم المتحدة مساعدتها على المجتمع الدولي لمساندة الحكومة العراقية الجديدة في إنشاء البنية التحتية الأساسية للحكومة الإلكترونية. على إثر ذلك، وقّعت الحكومة العراقية اتفاقية مع الحكومة الإيطالية بمبلغ 20 مليون دولار لتعزيز وتطوير هذا القطاع. لتحقيق هذا الهدف، قدمت وزارة العلوم والتكنولوجيا العراقية ووزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الإيطالية الدعم المالي والفني اللازم لإنشاء شبكة تربط الوزارات العراقية ببعضها البعض. إلّا أنّ العقبات البيروقراطية والتحديات التقنية أدت إلى تأجيل هذه النقلة النوعية حتى يومنا هذا. 

كانت الخطة المزمع تنفيذها مقسمةً إلى ثلاث مراحل تدريبية وتنفيذية، ابتداءً من تدريب موظفي وزارة العلوم والتكنولوجيا لمدة سنتين على الأساليب التقنية الحديثة، ومروراً بربط الوزارات عبر شبكة إنترنت داخلية لتسهيل الاتصالات والتي كان سيستغرق انشائها خمس سنوات، ووصولاً إلى تجهيز جميع الوزارات بالمتطلبات التقنية اللازمة للتحول الإلكتروني وتدريب موظفي الدولة. إلّا أن هذا المشروع توقف حينها وإلى الآن لا نعلم إن كان لسبب توقفه علاقة بالقانون العراقي. كما وان وزارة العلوم والتكنولوجيا العراقية تم حلها عام ٢٠١٥.


الأسس القانونية للحكومة الرقمية

وضع الدستور العراقي لعام 2005 اللبنات الأولى لمشروع الحكومة الإلكترونية بصورة غير مباشرة في المادة 25 منه، التي تنص على الاتي "تكفل الدولة اصلاح الاقتصاد العراقي وفق أسس اقتصادية حديثة، وبما يضمن استثمار كامل موارده وتفريع مصادره، وتشجيع القطاع الخاص وتنميته." ولو تمعنا في النظر إلى هذا النص، فبالإمكان القول إنه يوجد أساس دستوري، وإن كان غير مباشر، لإنشاء الحكومة الإلكترونية في العراق. إذْ إنه ليس من الممكن إجراء أي إصلاح اقتصادي وفق الأسس الحديثة إلّا باتباع مفاهيم الحكومة الإلكترونية وغيرها من التقنيات التي تكفل تحقيق إصلاح مثل هذا على مستوى التعامل الحكومي مع الأفراد وقطاع الأعمال، أو على مستوى التعامل الدولي مع المؤسسات المالية والدولية والاقتصادية. تشير المادة 34 ثالثاً من الدستور إلى أهمية دعم الدولة للاقتصاد والبحث العلمي، وهما المجالان الأكثر استفادة من التقنيات الحديثة كالحكومة الإلكترونية. ونص المادة هو: "تشجع الدولة البحث العلمي للأغراض السلمية، بما يخدم الإنسانية وترعى التفوق والإبداع والابتكار ومختلف في مظاهر النبوغ." وبالإمكان تفسيره على أنه غير قابلٍ للتحقيق على أمر الواقع، وليس بالإمكان للدولة القيام بهذا الواجب إلا في حالة تبنيها للتطورات التكنولوجية في ممارسة التعليم من أجل رعاية الإبداع والابتكار.

  • إن الأسس القانونية للحكومة الإلكترونية في العراق تعززها تشريعات متعددة، كقانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية رقم ٧٨ لعام 2012، والذي يُعتبر خطوة إلى الأمام نحو التحول الرقمي. كما أن هناك نصوص قانونية متفرقة تؤكد على إمكانية استعمال الوسائل الإلكترونية في التبليغات القضائية، وتوثيق البيانات الحكومية، وحتى في الإجراءات المالية، متمثلة بالمادة ٢١ من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم ١ لسنة ٢٠٠٥ التي تنص على أنه "يجوز للمحكمة الاتحادية العليا إجراء التبليغات في محل اختصاصها بواسطة البريد الإلكتروني، والفاكس والتلكس، إضافة لوسائل التبليغ الأخرى المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية."

  • وصدرت أيضاً تعليمات اكدت على استخدام الأدوات الالكترونية في عملها القانوني كتعليمات الكشف عن الذمة المالية رقم ٢ لسنة ٢٠١٧، إذ تنص المادة ٣ منها على أنه "اولًا: تنشر الهيئة انموذج استمارة الكشف عن الذمة المالية في الموقع الإلكتروني لها، وللمكلف سحبه أو طلبه مباشرة منها لغرض ملئه." فيما تنص المادة (١٠: ثانياً) منها على أن "تتولى دائرة الوقاية توثيق البيانات الواردة في الاستمارات بنظام قاعدة بيانات الكترونية خاصة بها وأرشفة الاستمارات المتعلقة بكل مكلف وإعداد المواقف الخاصة به."

  • أما قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم عشرة لسنة 2005، فتنص فيه القواعد والإجراءات وجمع الأدلة لسنة 2005، على أن "ويجوز للمحكمة بعد ذلك أن تستعمل الوسائل الإلكترونية للتوصيل السمعية والبصرية، والبريد الإلكتروني، وما إلى ذلك من الوسائل الإلكترونية الأخرى وللمحكمة أن تتخذ ما تراه مناسبا لتطبيق هذه المادة."

  • بالإضافة إلى ذلك تنص الفقرة ٥ من (م:٥) من قانون المرور رقم ٨٦ لسنة ٢٠٠٤ على أنه "تعد وثائق التسجيل في الحاسبة الإلكترونية أو غيرها، أساساً لإثبات حق ملكية المركبة وتعد حجة على الناس كافة بما يدون فيها، ما لم يطعن فيها بالتزوير."

  • كذلك نجد أن سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) كانت قد أصدرت مواد ذات علاقة بالحكومة الالكترونية فنصت المادة ١٤ رقم ٨٣ لسنة ٢٠٠٤ والتي تهدف إلى تعديل قانون حق المؤلف رقم ٣ لسنة ١٩٧١ على "الأذن باستنساخ أدائهم المثبت في تسجيل صوتي بصورة مباشرة أو غير مباشرة بأي طريقة أو بشكل وبصورة دائمة أو مؤقتة بضمنه الشكل الرقمي الإلكتروني."

  • بالإضافة إلى أن سلطة الإئتلاف المؤقتة (المنحلة) كانت قد وضحت في الفقرة ١ من المادة ٥٥ من القانون الخاص بالبنك المركزي العراقي رقم ٥٦ لسنة ٢٠٠٤ بأنه "لا يجوز للشخص نشر طبع تنفيذ وإصدار توزيع أو ترويج، بما فيها الوسائل الإلكترونية، أو الكمبيوتر وما شابهه." وهنا نجد أن المادة تعالج مشكلة مرتبطة باستخدام الوسائل الالكترونية.


المعاملات الإدارية والخدمات الحكومية بين حق الاختيار و الإلزام

نستخلص من الآنف أنه يوجد أسس أو أطر قانونية يمكن أن تؤسس عليها بيئة قانونية تستند عليها الحكومة الرقمية والتحول الرقمي في العراق. ولكن يبقى رغم ذلك السؤال مطروحاً: هل يُعدُ هذا الأساس إلزاماً قانونياً يوقِعُ على عاتق السلطة التنفيذية والإدارة والمواطن تطبيق قواعد الحكومة الإلكترونية؟ تأتي الإجابة بعد الاستغراق في هذا الموضوع أن المبدأ الرئيسي يكمن في عملية تعزيز الثقة لدى الجمهور بالأعمال الإلكترونية أو استخدام الوسائل الإلكترونية في إنجاز المعاملات، وضرورة احترام الحق في الخصوصية والسرية، والتعامل بالنسبة إلى المستخدم، وذلك بحرص جميع الأطراف بعدم نشر أو بث أي بيانات تتعلق بالأمور الخاصة والشخصية، ومن ثم يتبين أن أداء المعاملات الإدارية والخدمات الحكومية من قبل المواطن بالوسائل الإلكترونية ينبغي أن يبقى على الدوام اختياراً، لا إلزاماً، وهذا ما عالجته القوانين التي ذكرناها سابقاً. إذ يتبين لنا من هذه التشريعات أن المواطن غير ملزم بتبني الوسائل الإلكترونية في تقديم معاملاته، بل إن له الحرية في الاختيار بين الوسائل التقليدية أو الإلكترونية، طالما لا توجد نصوص قانونية تحتم عليه ذلك، وإن كان استعماله للوسائل الإلكترونية أكثر فائدة ومرونة ويُسراً من المراجعات ومتاعبها وإمكانية تعرضه للابتزاز أو طلب الرشوة فيها. ولا يتم إلزام المواطن باستخدام الوسائل الالكترونية إلا في حالة وجود نص صريح يوجب عليه ذلك. أي أن يكون هنالك نص قانوني يلزم المواطن بتقديم معاملته بشكل إلكتروني بالإضافة إلى دفع رسومها بطريقة إلكترونية، عندها سيكون المواطن ملزماً قانونياً باتباع هذه الوسائل الحديثة. وعنده مراجعتنا للقوانين أعلاه، يتضح لنا إلى أن دوائر الدولة والقطاع العام عموماً يتبعان المبدأ العام الذي يتمثل بأن الإدارة غير ملزمة باعتماد وسائل الإدارة الإلكترونية إلا في حالة وجود نص صريح بذلك. إذ سيبقى استعمال الوسائل الإلكترونية استثناءً لا يجوز القياس عليه والتوسع فيه لعدم وجود نص قانوني يلزم هذه الدوائر باعتماده. 

وبناء على ما تقدم ذكره، فإننا ندعو الحكومة العراقية إلى تفعيل مشروع قانون الحكومة الإلكترونية الذي تم الشروع فيه قبل 20 عاماً، فضلاً عن ضرورة الإسراع بإصدار قانون يخص الجرائم المعلوماتية، باعتباره من مقومات الحكومة الإلكترونية. وعلى الحكومة عدم اتباع التعريف الضيق لمفهوم الحكومة الإلكترونية، الذي يقتصر على استعمال الوسائل الإلكترونية من قبل الدوائر الحكومية التابعة للسلطة التنفيذية، ولا ينصرف إلى معنى الحكومة الإلكترونية الواسع الذي تستعمل فيه السلطة التشريعية والقضائية لوسائل الإلكترونية في إنجاز أعمالها. وبعبارة أخرى، بوسعنا القول بأن الحكومة الإلكترونية يقصد بها استعمال وسائل الاتصال التكنولوجية المتنوعة في إنجاز السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية لمهامها وتقديم الخدمات العامة للمواطنين. يستوي في ذلك أن يكون استعمال هذه الوسائل بين دوائر السلطة الواحدة، أو بين سلطتين أو أكثر، أو بينها وبين الأفراد والقطاع الخاص. ومن ثم فإن استعمال الوسائل الإلكترونية من قبل السلطات العامة من جهة، والجمهور أو المواطنين من جهة أخرى، يمثل جوهر الحكومة الإلكترونية بمعناها الواسع، وهو ما يمكن اختزاله بتقديم الخدمات الحكومية بطريقة إلكترونية. يمكننا القول بأن الحكومة الإلكترونية بمعناها الضيق، لا تعدو أن تكون مجرد استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة من قبل الإدارة العامة للقيام بوظائفها بحسب الحاجة العامة.




Posted in on Sunday, 1st September, 2024